للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني (وقوع النسخ في القرآن- أنواعه)

[١ - وقوع النسخ في القرآن الكريم]

لقد ثبت عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين القول بوقوع النسخ في القرآن الكريم، ولذلك قالوا: لا يجوز لأحد أن يفسّر كتاب الله تعالى إلا بعد أن يعرف الناسخ منه والمنسوخ، ولم يقبلوا قول من جهل النسخ فيه أو أنكره، بل شدّدوا النكير عليه.

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه:

أقرؤنا أبيّ، وأقضانا عليّ، وإنا لندع من قول أبيّ، وذاك أن أبيّا يقول: لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد قال الله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها [البقرة: ١٠٦] «١».

فهذا الحديث يدلّ على أن عمر رضي الله عنه استدلّ بالآية على وقوع النسخ في القرآن، وأنه ينكر على أبيّ رضي الله عنه عدم تركه شيئا سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وروي أن عليّا رضي الله عنه مرّ على قاض فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا. قال عليّ رضي الله عنه: هلكت وأهلكت «٢».

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة: ٢٦٩] قال: ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره وحرامه وحلاله «٢».


(١) رواه البخاري في التفسير (٤٢١١).
(٢) البرهان (٢/ ٢٩).

<<  <   >  >>