للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استحر: كثر وانتشر. العسب: جمع عسيب، وهو جريد النخل، واللّخاف: جمع لخفة وهي الحجارة البيضاء الرقيقة.

هذا الحديث يوجز لنا عمل أبي بكر رضي الله عنه، وما كان له من أسباب، وما آل إليه أمر القرآن في عهده، وما تمّ له من خدمة، وسنبين لك ذلك مفصلا.

[تمهيد]

علمنا سابقا أن القرآن كله كان مكتوبا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنه لم ينقض عهد النبوة السعيد إلا وهو مجموع على النحو الذي علمنا، بيد أنه لم يجمع في مصحف واحد، أو صحائف مجتمعة، بل كان متفرّقا منشورا بين الرقاع وغيرها.

روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قبض النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن القرآن جمع في شيء «١».

قال الخطّابيّ: إنما لم يجمع صلّى الله عليه وسلّم القرآن في المصحف لما كان يترقّبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته، ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاء وعده الصّادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصّدّيق بمشورة عمر «٢».

وكلام الخطّابيّ هذا يبيّن لنا سرّ عدم جمع القرآن بالكيفية التي قام بها أبو بكر رضي الله عنه، ويضاف إلى ما ذكره: أن الأسباب التي اقتضت جمعه على تلك الكيفية، فيما بعد، لم توجد على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

[١ - كيفية جمع أبي بكر رضي الله عنه للقرآن]

إن الذي أمر به أبو بكر رضي الله عنه وتمّ تنفيذه: هو جمع ما تفرّق من


(١) الإتقان (١/ ١٨١).
(٢) المصدر السابق (١/ ١٨١).

<<  <   >  >>