للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الكتاب لولا ما بقي بعده من حظّ في فهم كتاب الله، لصحّ القول: طابق في مضمونه مسمّاه، فإنّه جمع ما بلغه في التّفسير واستقصى، وزاد عليه بالتّدبّر والنّظر والوقوف على ما لم يسبق إلى ذكره في التّفسير من الأثر، فوائد كثيرة، وتحقيقات نافعة، مع دراية بالعربيّة ومذاهب أهلها، واختلاف الفقهاء، ممّا يشهد بتبحّره وسعة اطّلاعه.

ومع مالكيّته فإنّه لم يقتصر على مذهبه، ومع قصده تفسير آيات الأحكام لكنّه تعرّض لتفسير جميع القرآن.

وقد اشترط فيه اتّباع أحسن طرق التّفسير، ممّا تقدّم بيانه، وحذّر من خطورة التّفسير بالرّأي، وحقّق ذلك في الجملة، ولكنّ الطّمع في الزّيادة سبيل قلّ من ينجو منه من المؤلّفين، فأوقعه ذلك في ذكر الحديث الموضوع والمنكر والأخبار الإسرائيليّة، وكان يغنيه ما يسوقه من ثابت الأخبار عن ذلك، كما ذكر فيه من مسائل الفقه والأحكام ما لا صلة له بالقرآن.

كذلك يتطرّق إلى ذكر الخلاف بين أهل الكلام في بعض مسائل العقائد، وكان يكفيه الاقتصار على ذكر مذاهب السّلف، فإنّ النّاس لا يحتاجون إلى خلط المتكلّمين، غير أنّ هذه السّمة كانت جزءا من الثّقافة الشّائعة في ذلك الوقت، فلا يكاد ينفكّ أكثر العلماء عن التّأثّر بها.

وممّا ينبّه عليه كذلك: أنّه جرى في خطّة تصنيفه على منهج القاضي أبي بكر ابن العربيّ، وكاد أن يستوعب ذكر مسائله بحروفها، كذلك اعتمد

<<  <   >  >>