للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثّاني: أن يجعل ذلك من باب الاعتبار والقياس، لا من باب دلالة اللّفظ، فهذا من نوع القياس، فالّذي تسمّيه الفقهاء (قياسا) هو الّذي تسمّيه الصّوفيّة (إشارة)، وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل، كانقسام القياس إلى ذلك.

فمن سمع قول الله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ٧٩ [الواقعة: ٧٩]، وقال: إنّه اللّوح المحفوظ أو المصحف، فقال: كما أنّ اللّوح المحفوظ الّذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسّه إلّا بدن طاهر، فمعاني القرآن لا يذوقها إلّا القلوب الطّاهرة، وهي قلوب المتّقين، كان هذا معنى صحيحا واعتبارا صحيحا، ولهذا يروى هذا عن طائفة من السّلف» (١).

قلت: فهذا يبيّن أنّ التّفسير الإشاريّ ليس جميعه مرفوضا، بل

منه ما هو صحيح مقبول، وقرّب هذا العلّامة ابن القيّم فذكر لقبوله أربعة شروط، هي:

١ - أن لا يناقض معنى الآية.

٢ - أن يكون معنى صحيحا في نفسه.

٣ - أن يكون في اللّفظ إشعار به.

٤ - أن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم (٢).


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيميّة (١٣/ ١٢٩ - ١٣٠).
(٢) التّبيان في أقسام القرآن، لابن القيّم (ص: ٥٠).

<<  <   >  >>