للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الصّلاة، والتّعبير بلفظ المحلّ عن الحالّ فيه، كما في قوله تعالى:

وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها [يوسف: ٨٢]، والمراد من حلّ فيها، وهم أهلها، وإسناد الفعل إلى الزّمان أو المكان، كقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [سبأ: ٣٣]، ولا مكر للزّمن، إنّما أسند إليه لأنّ المكر يكون فيه.

ومن المجاز الاستعارة كذلك.

وقد اختلف النّاس في صحّة القول بإثبات المجاز في القرآن، فجمهور أهل العلم على إثباته، وطائفة منعته (١).

والنّزاع بينهم أشبه أن يكون لفظيّا، وكأنّ حقيقة قول المانعين ترجع إلى ما تذرّع به أهل البدع باستعمال المجاز في تأويل صفات الباري تعالى، والتّحقيق أنّ فساد قول أهل البدع لا يكون بإبطال القول بالمجاز؛ لأنّ حمل صفات الله عز وجلّ أو شيء منها على المجاز لا يخلو من تفسير الغيب بالشّهادة، وهو ممنوع.


(١) مواضع شرح ذلك كثيرة، فمعظم كتب الأصول تذكر هذه المسألة، انظر منها:
«الواضح» لابن عقيل (١/ ١٢٧ - ١٢٨، و ٣٨٤ - ٣٩٦)، «التّمهيد» للكلوذانيّ (١/ ٧٧ - ٨٧)، «المحصول» للرّازيّ (١/ ٣٩٥ - ٤٨٦)، «الإحكام» للآمديّ (١/ ٤٥ - ٥٠)، «الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز» لعزّ الدّين بن عبد السّلام، «الإبهاج» للسّبكيّين (١/ ٢٧١ - ٣٢١)، «إرشاد الفحول» للشّوكانيّ (ص: ١٨)، ولابن تيميّة كلام كثير حول ذلك، وكذا لتلميذه ابن القيّم، وهما ينتصران لمنع القول بالمجاز، كذلك للشّيخ محمّد الأمين الشّنقيطيّ في هذا كتاب «منع جواز المجاز في المنزّل للتّعبّد والإعجاز».

<<  <   >  >>