للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو قلت في قوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ٣٥ [القيامة: ٣٤ - ٣٥]: هذا التّكرار لمجرّد التّوكيد، فقد حجبت نفسك عمّا هو أولى بالاعتبار في معنى الآية.

وقال الإمام العزّ: «اتّفق الأدباء على أنّ التأكيد في لسان العرب إذا وقع بالتّكرار، لا يزيد على ثلاث مرّات، قال: وأمّا قوله تعالى في سورة المرسلات: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٥ في جميع السّورة، فذلك ليس تأكيدا، بل كلّ آية قيل فيها: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٥ في هذه السّورة، فالمراد: المكذّبون بما تقدّم ذكره قبيل هذا القول، ثمّ يذكر الله تعالى معنى آخر ويقول: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٥ أي: بهذا، فلا يجتمعان على معنى واحد، فلا تأكيد، وكذلك: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ١٣* في سورة الرّحمن» (١).

ومن هذا القبيل تكرار القصّة في القرآن، فلها في كلّ موضع من

الدّلالة ما يختلف عن الموضع الآخر، وأدنى ما يفيده تكرارها تمكين العبرة بتلك القصّة من نفس المخاطب.

ولا تجد في القرآن إعادة مجرّدة للقصّة، وعلامة ذلك أنّك لا ترى قصّة يتّفق سياقها في الموضعين، فضلا عن الاتّفاق في الدّلالة والمقصود.

[١٦] ذكر الشّيء على العموم، ثمّ تخصيص الأفضل منه، كقوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: ٢٣٨].


(١) الإبهاج في شرح المنهاج، للسّبكيّين (١/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>