للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله القرآن، فنام عنه باللّيل ولم يعمل فيه بالنّهار، يفعل به إلى يوم القيامة».

وفي لفظ: «أمّا الرّجل الأوّل الّذي أتيت عليه يثلغ (١) رأسه بالحجر، فإنّه الرّجل يأخذ القرآن فيرفضه (٢)، وينام عن الصّلاة المكتوبة» (٣).

ففي هذا دليل على أنّ من أنعم الله عليه بالعلم بالقرآن فقد قام عليه من الحجّة بمعرفة الأحكام والشّرائع ما لا تسعه مخالفته أو تركه، فإن فعل استحقّ العقوبة على ذلك، وناله نصيب من صفة الهجر للقرآن.

أمّا مجرّد ترك التّلاوة فهل يسمّى (هجرا)؟ فيه تفصيل يرجع إلى معرفة ما ينقسم عليه حكم التّلاوة.


(١) يثلغ: يضرب حتّى يكسر.
(٢) يرفضه: يتركه.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاريّ (رقم: ١٣٢٠) من طريق أبي رجاء العطارديّ عن سمرة بن جندب، به. واللّفظ الثّاني له كذلك (رقم: ١٠٩٢، ٦٦٤٠).
وورد الحديث بلفظ: «رجل تعلّم القرآن، فنام عنه حتّى نسيه لا يقرأ منه شيئا».
أخرجه ابن نصر في «قيام اللّيل» (ص: ١٦١ - ١٦٢) من طريق أبي خلدة خالد بن دينار، عن أبي رجاء.
قلت: ولفظ البخاريّ أولى وأصحّ، فإنّه ربط ذلك بترك العمل بالقرآن في اللّيل والنّهار، فأمّا تركه في اللّيل فبالنّوم عن المكتوبة، وهذا كما ترشد الأدلّة إذا كان بإهمال وترك الاجتهاد للاستيقاظ للصّلاة، وتركه بالنّهار ظاهر، وذلك بفعل المعصية وترك الواجب.
نبّهت على هذا لئلّا يظنّ أنّ تلك العقوبة في الرّؤيا النّبويّة كانت للنّوم عن قيام اللّيل، لليقين في كونه ليس فريضة، ولا تقع العقوبة على ترك ما سوى الفريضة.

<<  <   >  >>