للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه البراءة من الكفار هي حقيقة معنى «لا إله إلا الله» ومدلولها، لا مجرد قولها باللسان، من غير نفي لما نفته من صلة بالمشركين، ومن غير إثبات لما أثبتته من موالاة رب العالمين (١) فمعنى شهادة أن لا إله الا الله، نفي استحقاق العبادة -والولاء جزء منها- لغير الله عز وجل، مع إثبات هذا الاستحقاق لله وحده وهو ما دل عليه قول الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل: ٣٦].

فلا يكفي في تحقيق معنى الشهادة أن يعبد الإنسان ربه حتى يجتنب عبادة غير الله من جهة، وينفي استحقاق أي مخلوق لأي نوع من أنواع العبادة من دون الله، وهذا أمر متفق عليه ولا جدال فيه (٢).

فمن والى الكفار أو تولاهم فقد كفر، لأنه لم يحقق معنى لا إله إلا الله (٣).

وبناء على ذلك فإن الذين يتولون الكفار، ولا يعادونهم، لا يعبدون الله حق عبادته، وأنهم يشركون معه في العبادة غيره، إذ لو كانوا يعبدون الله حق عبادته لما أظهروا الرضا والمودة والمناصرة لأعداء الله وأعداء دينه من الكفار المشركين والمرتدين، فإن المسلم إذا دخل في طاعة الكفار، وأظهر المودة والموافقة لهم على الكفر، وأعانهم عليه بالمال أو السلاح أو الرجال، أو الرأي وأيدهم على ذلك، وقطع علاقته مع المسلمين، أو جعل صلته بالكفار تربو على صلته بالمسلمين، فقد خرج عن معنى لا إله إلا الله، وارتد عن الإسلام وكان حكمه الكفر، لأنه


(١) المصدر السابق المكان نفسه.
(٢) انظر مجموعة التوحيد (٢٥، ٢٦).
(٣) انظر كتاب الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (١٨١، ١٨٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>