للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: ١٠٣].

إن رابطة الإسلام تغنينا عن جميع الروابط الجاهلية الفاسدة مثل رابطة الدم، أو رابطة اللون أو اللغة، أو رابطة الوطن أو الإقليم أو رابطة الحرفة أو الطبقة، أو غير ذلك من الروابط الجاهلية التي تختلف اختلاف جذريا مع أصول الإسلام ومنطلقاته في الموالاة والمعاداة، والحب والبغض فالدعوة إلى القومية والتجمع العربي فقط على أساس العروبة لغةً ونسبًا هي دعوة جاهلية خارجة عن منهج الإسلام يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: ١٣].

فمن أجل ذلك جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الإخوة في الله هي الأساس والرابطة التي جمع عليها أفئدة أصحابه، حيث إن العقيدة الإسلامية التي جاء بها من عند الله تضع الناس كلهم في مقام العبودية لله تعالى، دون أي اعتبار لفارق اللون، أو الدم أو الوطن، أو الطبقة، أو غير ذلك من الفوارق القائمة في المجتمعات الجاهلية.

فالمقياس لتفاوت الأفراد في الإسلام هو التقوى والعمل الصالح، وهذا المبدأ يحقق العدل بالنسبة لكافة المنتمين إليه ويسع العالم أجمع دون أي تمييز بينهم فيما عدا التقوى والعمل الصالح.

إن البشرية قد جربت في الماضي المعهود والحاضر المشهود روابط عديدة، من قومية ووطنية، ومنظمات حزبية كافرة، وقد باءت كلها بالفضل الذريع، فهي لم تستطع أن تجمع المتفرقين، أو توحد المختلفين، أو تنصر المهزومين، ولم تنصف المظلومين من الظالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>