للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها مثل قصة قوم موسى عندما قالوا: (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) فلا خلاف أن الذين قالوا ذلك لم يعلموا الحكم، ولكن لو فعلوا ذلك بعد نهيه لكفروا، ومن ذلك نستنتج أن المسلم إذا تكلم بكلام الكفر وهو لا يدري أنه كفر، فنبه إلى ذلك فرجع عنه وأباب من ساعته أنه لا يكفر (١).

أما من لم يكلف نفسه بمعرفة الشرك، ولا إنه كاره، فوقع فيه أو أيد أهله، فهو آثم وعلى خطر من خروجه عن الإسلام، لأن من جهل الشرك، لا يحصل منه شيء مما دلت عليه لا إله إلا الله، ومن لم يقم بمعنى هذه الكلمة وما دلت عليه، عن علم ويقين وصدق وإخلاص ومحبة وقبول وانقياد فليس من الإسلام في شيء (٢) وكثير من الناس لا يميزون بين ما أمروا به، وما نهوا عنه، ولا بين ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ما كذب عليه، ولا يفهمون حقيقة مراده، ولا يتحرون طاعته، بل هم جهال لما أتوا به معظمون لأغراضهم وأهوائهم متبعون لشهواتهم وملذاتهم (٣) ولا ريب أن الله عز وجل لم يعذر أهل الجاهلية الذين لا كتاب لهم بهذا الشرك الأكبر الذي حصل منهم والدليل على ذلك حديث عياض بن حمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب» (٤) فكيف يعذر الله أمة كتاب الله بين أيديهم يمكنهم أن يقرءوه ويفهموا ما فيه قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: ١٧] فهو حجة الله على عباده كما قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) [إبراهيم: ٥٢].


(١) انظر مجموعة التوحيد (٨٤).
(٢) انظر الدرر السنية (٢/ ٩٨) وانظر مجموعة التوحيد (٣٧).
(٣) انظر الدرر السنية (٢/ ٩٩).
(٤) رواه مسلم انظر صحيح مسلم (٤/ ٢١٩٧، ٢١٩٨) رقم الحديث (٢٨٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>