للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شراذم متآمرة، أو فئات حاقدة، أو فلول مخدوعة، أو جماعات متحجرة، وهم لا يتريثون حتى يصل الخطر إلى مرحلة الخروج عليهم، بل إنهم ليحسبون على الناس كلماتهم وأنفاسهم وغدوهم ورواحهم، ويزجون بعشرات الآلاف من الناس بمجرد كلمة لا تنال رضا صاحب السيادة ولو كانت كلمة حق، فهم ليس لديهم معيار للحق أو الباطل سوى رضا الرئيس أو غضبه، فما يرضيه حق وما يغضبه باطل ولو كان الواقع الحقيقي خلاف ذلك، فهم يريدون من جميع الناس أن يمسحوا من عقولهم فكرة حق وعدل أو ظلم وجور، وأن يطيعوا الحاكم طاعة عمياء، ويتبعوهم تبعية عشواء، بلا سؤال أو مناقشة أو استفسار، وكم شهدت سجون مصر (١) وسوريا والعراق وليبيا والمغرب واليمن وغيرها ... إلخ) من مآسي تدمي القلب وينشق لهولها الفؤاد حيث عذب فيها عشرات الآلاف من الناس الذين هم من خيرة المؤمنين الطيبين لم يدخلوها بتهمة سرقة أو زنا أو شرب خمر ولم يدخلوها لأنهم يوالون اليهود أو النصارى حيث إن كل هؤلاء يتمتعون بالحماية والرعاية من قبل تلك السلطات وإنما دخلها المؤمنون الذين قالوا: (رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٢) فأين ما فعل هؤلاء؟ بأولئك المؤمنين، مما قرره منهج الإسلام بحق أعداء السلطة الشرعية من تسامح واحترام لمشاعر المخالفين له رغم خطأهم فهو يعاملهم بمنتهى السماحة والملاطفة، والاحترام، ولا ينال من أنفسهم، وأموالهم، وأعراضهم شيئًا.

أما أصحاب الفخامة والسيادة في بلاد المسلمين اليوم فيستصرخون الدول الكبرى في نظرهم، كي تمدهم بأحدث وسائل التعذيب في سلخ


(١) انظر مذبحة الإخوان في ليمان طرة/ تأليف جابر رزوق، وانظر الفراعنة الصغار في هيلتون الناصرية/ د/جابر الحاج، وانظر البوابة السوداء/ أحمد رائف، وانظر نافذة على الجحيم/ عدة مقالات، وانظر القابضون على الجمر/ محمد أنور رياض.
(٢) سورة البروج آية (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>