للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: منع العزل مطلقًا.

وبما أن الاستطراد في توضيح هذه الأقسام الثلاثة قد يخرج بنا عن نطاق الموالاة والمعاداة إلى صلب النظرية السياسية في الإسلام، فإننا نكتفي بالإشارة إلى ما نراه راجحًا في هذه المسألة حيث إنه بإمكان القارئ أن يرجع إلى هذه الأقوال في مصادرها التي سنشير إليها في هامش هذه الرسالة تلافيًا لإطالة الموضوع بلا سبب قوي يوجب ذلك.

والرأي الذي أرجحه من هذه الآراء الثلاثة أن الحاكم إذا عصى وارتكب أمرًا يوجب فسقه القولي أو الفعلي نُظِرَ إليه، فإن كان العزل يمكن أن يتم بطرق سلمية كما هو الأصل في الشريعة الإسلامية، وجب عزله عند حصول المعصية نظرًا إلى أن الأصل من شروط الولاية العدل في الخليفة وتحقق العدالة فيه، فإذا نقض هذا الشرط بنفسه وجب خلعه، كما يحصل في بعض الدول الكافرة التي أخذت ببعض المفاهيم السياسية الإسلامية في تعيين الحاكم وعزله، فنجد أن بعض الدول الكافرة تعزل رئيسها عند أدنى خطأ يرتكبه، بينما يتشبث المتسلطون على رقاب المسلمين بكرسي الحكم حتى لو أبادوا الشعب كله في سبيل ذلك، أو أن يلقي الشعب بجسد الحاكم من على كرسيه جثة هامدة. وهذا كله مخالف لأصول النظام السياسي في الإسلام. فإذا كان عزل الحاكم لا يتم بالطرق السلمية كما ذكرنا، فإني أرى الرأي القائل بكراهية الخروج على الحاكم وعزله ونقض بيعته إذا كان الغالب على الظن حصول فتنة بذلك كما هو رأي جمع من العلماء (١).

فالعزل الذي يترتب عليه سفك الدماء ونهب الأموال والاعتداء على الأعراض وتعطيل الحدود الشرعية، لا شك أنه يجلب على الأمة ودينها أكثر


(١) انظر رسالة ماجستير في عزل الرئيس الأعلى للدولة في نظام الحكم في الإسلام د/ علي بن فهيد السرباتي ص١١٦ - ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>