للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين موقف الحياد، فلا يحاربهم، لا يعين عليهم محاربًا قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (١) فهذه الآية والتي قبلها نص صريح واضح في تقرير مبدأ مسالمة المحايدين من الكفار لأن ذلك مما يتفق وروح الدعوة الإسلامية التي انتشرت بطريق السلم في أندونيسيا والسودان والصومال ووسط أفريقيا، وجنوب شرق آسيا عامة، حيث يعتبر الإسلام الحرب ضرورة لدفع العدوان المانع من وصول الدعوة إلى الناس فإن زال المانع والتزم غير المسلمين جانب السلم مع المسلمين وسارت العلاقات بينهما سيرًا طبيعيًا دون أن يكدر صفوها شيء وجب اعتبار هؤلاء محايدين، ووجب الكف عن أذاهم وحسن معاملتهم.

ومن الأمثلة العملية على وجود المحايدين من الإسلام ما يلي:

١ - حالة أهل الحبشة فقد اعتبرها المسلمون من البلاد التي لا يجوز بدؤها بالقتال، فقد ورد فيما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة» (٢) وقد ضعف الألباني هذا الحديث (٣) وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن صحة هذا الحديث فلم يعترف بصحته، ولكن قال: «لم يزل الناس يتحامون غزوهم» (٤).

وورد أيضًا فيما يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم» (٥) وقد حسن الألباني الاستشهاد به ومال


(١) سورة الممتحنة آية (٨).
(٢) رواه النسائي في سننه ج٨ ص٤٤، والبيهقي في السنن الكبرى ج٩، ص١٧٦ وأبو داود في سننه ج٤ ص١٦٢.
(٣) أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ج٢ ص٤١٥ - ٤١٧ برقم (٧٧٢).
(٤) انظر بداية المجتهد/ محمد بن أحمد القرطبي ج١ ص٣٦٩.
(٥) رواه أبو داود والنسائي. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة ج٢ ص٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>