للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الله عز وجل يخبرنا في هذه الآية على جهة التأكيد والدوام، أن اليهود والنصارى لن يصطلحوا معنا، ولن يسالمونا أو يرضوا عنا، حتى نتبع باطلهم، نحذو حذوهم في شركهم وكفرهم وانحلالهم، فمن الغباء والجهل، بل من الكفر، أن يشك الإنسان في أخبار الله عز وجل في طبيعة العلاقة لكل من اليهود والنصارى معنا، إن من يظن أنه يمكن أن يقع خلاف ما أخبر الله به في شأن اليهود والنصارى يكون غير مسلم، إنه لا يتصور من مسلم أن يعتقد أنه من الممكن أن يتحول اليهود والنصارى إلى أناس مسالمين موادعين، مناصرين لنا على الحق، إن هذا التصور الخاطئ والفهم الساذج لا يصدر إلا عن إنسان مخدوع بأضاليل اليهود والنصارى، معرض عن تلاوة كتاب الله وتدبر آياته.

إن اليهود والنصارى، في معركة مستمرة مع المسلمين كما أخبر الله عز وجل ونحن نرى الدليل عليها في كل زمان ومكان، إنها معركة بين الجماعة المسلمة، وبين هذين المعسكرين الكافرين، ولكن أعداء الإسلام زيادة في تضليلنا يرفعون أعلاما شتى، في خبث ومكر، وتورية حيث لم يعلنوها حربا معلنة باسم الديانة اليهودية، أو النصرانية، ضد الإسلام خوفا من رد الفعل عند المسلمين، بل أعلنوها باسم الأرض تارة، وباسم الاقتصاد تارة أخرى وباسم السياسة والمصالح القومية مرات أخرى.

وألقوا في روع المخدوعين منا أن الحرب باسم الدين حكاية قديمة لا معنى لها، وما أدرك أولئك السذج أن الاستعمار الذي مزق شمل الأمة والبلاد الإسلامية، لم يكن هدفه الأول الاقتصاد، بقدر ما كان تتمة لما عجزت عنه الحروب الصليبية، في عهد صلاح الدين، ولكنهم في هذه المرة لم يجدوا قائدا صالحا يدحرهم كما دحرهم صلاح الدين الأيوبي، بل وجدوا وللأسف الشديد بين المسلمين من يعين الغاصب على اغتصابه والظالم على ظلمه فلا حول ولا قوة إلا بالله (١).


(١) انظر ظلال القرآن سيد قطب (١/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>