للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية المتقدمة حيث تدل على النهي عن الصلاة والقيام على قبر الكافر ودلالة النصوص على ذلك قطعية الثبوت، قال تعالى: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) (١).

وقد يعترض على ذلك معترض فيقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أن يواري أبا طالب في قبره عند وفاته بمكة والجواب أن مواراة علي لوالده، إن ثبتت يقينًا فهي منسوخة بهذه الآية حيث إن هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين بالمدينة (٢)، والمتأخر ينسخ المتقدم كما هي القاعدة فلا إشكال في ذلك.

وقد ورد في بعض الآثار ما يدل على أنه يجوز للمسلم أن يحضر جنازة قريبه الكافر ويشيعها مع المشيعين بشروط ثلاثة:

الأول: أن يكون الكافر الميت قريبًا للمسلم قرابة مباشرة كأن يكون من آبائه أو أبنائه أو إخوانه أو نحو ذلك.

ثانيًا: أن لا يحضر الصلاة عليه، ولا يقوم على قبره أثناء الدفن.

ثالثًا: أن يسير أمام الجنازة بعيدًا عنها قليلاً وأن يقف بعيدًا عن القبر وإذا أرادوا الدفن رجع ويستحسن أن يكون راكبًا لما في ذلك من إظهار عزة المسلم واستعلائه على الكفار حسًا ومعنى.

والدليل على ذلك ما روي أن قيس بن شماس أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمي توفيت وهي نصرانية، وهو يحب أن يحضرها فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اركب دابتك، وسر أمامها، فإذا ركبت وكنت أمامها فلست معها» (٣) وروي أيضًا أن الحارث بن أبي ربيعة شهد جنازة أمه وكان يقوم


(١) نفس الآية المتقدمة.
(٢) انظر تفسير القرطبي ج٨ ص٢٢١.
(٣) انظر أحكام أهل الذمة ج١ ص٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>