للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم بالكافر، وقالوا إن السرقة حق لله، ومن ثم لو أعيدت السرقة بعينها لم يسقط الحد ولو عفا المسروق منه، بخلاف القتل، والقصاص في القتل يشعر بالمساواة، ولا مساواة بين المسلم والكافر بخلاف القطع في السرقة فلا يشترط له المساواة.

ولا نريد أن نسترسل في مناقشة أدلة الطرفين مما قد يخرج بنا عن مقصود الرسالة في تحديد العلاقة والمعاملة بين المسلم الجاني والكافر المجني عليه في دار الإسلام، وما يجب أن يعرفه ويتخذه كل مسلم كي يحدد موقفه من ذلك بما يتفق مع نظرة الإسلام في هذه القضية، وخلاصة القول في ذلك هو أن المسلم إذا قتل ذميًا أو معاهدًا، فينظر الحاكم المسلم والقاضي المسلم إلى الدوافع والأسباب التي دفعت إلى القتل هل هي في صالح الإسلام والمسلمين أم لمصالح شخصية ومنافع مادية، ثم ينظر كذلك إلى الذمي والمستأمن هل كانا قائمين بما يجب عليهما محافظين على العقد والعهد أم لا؟

فالذي يجب على المسلم القاتل للذمي أو المستأمن ليس حد قصاص وإنما هي عقوبة تعزيرية، تخضع للسياسة الشرعية (١).

فللحاكم المسلم العدل أن يعزر القاتل تعزيرًا بما دون القتل، وأن يعامله بما هو أخف من ذلك مثل معاملة الكفار للكافر إذا قتل مسلمًا، فغالب أحوالهم لا يوجبون القصاص على الكافر إذا قتل المسلم، فمن باب المعاملة بالمثل يترجح عدم جواز قتل المسلم بالكافر، عملاً بقوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) (٢).

وإن كان الإسلام لا يبيح مجاراة الكفار في ظلمهم وغطرستهم بصفة عامة.


(١) انظر السياسة الشرعية لابن تيمية ص١٤٦.
(٢) سورة النحل آية (١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>