للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة -أو قال- لا ذمة له» (١).

وروي عن سمرة بن جندب (رضي الله عنه) قال: أما بعد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله» (٢) وفي هذين الحديثين وعيد شديد لمن جامع المشركين وساكنهم اختيارًا وخاصة من لم يستطع إظهار دين الله عندهم وإعلان البراءة منهم ومن كفرهم فليحذر المسلمون المقيمون بين الوثنين والمرتدين والنصارى والمجوس من أن يلحقهم هذا الوعيد الشديد الذي قد يؤدي بهم إلى الخروج عن دائرة الإسلام، فهذا الوعيد الشديد يقتضي تحريم الإقامة بين ظهراني المشركين لمن عجز عن إظهار دينه وهو قادر على الهجرة إلى بلد يظهر فيه الإسلام، كما أن السفر إلى البلاد التي لا يُظهر فيها دينه لا يجوز له ذلك، لما يترتب على ذلك من ترك شعائر الإسلام، وإظهار الدين ليس كما يتصوره البعض من مجرد إقامة الصلاة والصيام والزكاة والحج وعداوة القلب وبغضه للكفار سرًا، فإن ذلك لا يكفي في النجاة من عذاب الله، بل لا بد مع ذلك من إظهار المعتقد الصحيح ومخالفة كل طائفة من طوائف الكفر فيما اشتهر عنها والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء والبراءة منهم ومما يعبدون (٣). وهذه ملة إبراهيم الخليل (عليه السلام) وهي الدين القويم والصراط المستقيم، ومبناها الحب في الله والبغض في الله والموالاة فيه والمعاداة فيه، إذ هي أوثق عرى الإيمان ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كَثُرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك (٤).


(١) انظر أحكام القرآن للجصاص ج٢ ص٥٤٢. وقد ذكر الرازي في كتاب الجرح والتعديل ج٢ ص٥٠٢. أن له صحبة وأنه روى عن مالك وقيس بن حازم والشعبي.
(٢) رواه أبو داود في سننه ج٣ ص٩٣. وقال عنه الألباني: حديث حسن. انظر صحيح الجامع الصغير ج٦ ص٢٧٩.
(٣) انظر مجموعة التوحيد ص٣٠٠.
(٤) انظر كتاب الجواب الفائض في الرد على أرباب القول الرائض تأليف/ سليمان بن سحمان ص٦ مخطوطة في جامعة الرياض قسم المخطوطات برقم (٣٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>