للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - جهود ابن عباس في التفسير]

كان ابن عباس كثير العلم واسع المعرفة، فكان يجلس يوما لا يذكر فيه إلا الفقه، ويوما للتاويل، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب (١)، وقال عمرو بن دينار المكي (ت ١٢٦ هـ): ما رأيت مجلسا قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس: للحلال والحرام، وتفسير القرآن، والعربية، والشعر، والطعام (٢). لكن شهرة ابن عباس بالتفسير فاقت شهرته بالجوانب الأخرى.

وكانت لابن عباس مجالس عامة يفسر فيها القرآن للناس، على نحو ما فسر سورة البقرة، وفي رواية سورة النور في موسم الحج (٣) وله بعد ذلك جلسات مع خاصة تلامذته يفسر لهم القرآن، قال تلميذه مجاهد بن جبر المكي (ت ١٠٤ هـ):

عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت؟

وكيف كانت؟ (٤) وتعددت الروايات عن ابن عباس في التفسير نتيجة لذلك، قال السيوطي: «وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة، وفيه روايات وطرق مختلفة» (٥).

ولم تصل إلينا مجموعة كاملة لجهود ابن عباس في تفسير القرآن الكريم، لأنه كان يفسر القرآن تفسيرا شفويا، ولم يدونه في كتاب، وإن كان من تلامذته من دوّن ما سمعه من أستاذه. وتحتفظ كتب التفسير القديمة بثروة كبيرة من جهود ابن عباس في التفسير، لا سيما تفسير الطبري، وتفسير ابن كثير، وتفسير السيوطي المسمى (الدر المنثور في التفسير بالمأثور). وتوجد اليوم مجموعات صغيرة متميزة من جهود ابن عباس في التفسير، أشهرها:


(١) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/ ٣٦٨.
(٢) ابن الجزري: غاية النهاية ١/ ٤٢٦.
(٣) ينظر: الطبري: جامع البيان ١/ ٤٠.
(٤) الداودي: طبقات المفسرين ٢/ ٣٠٦.
(٥) الإتقان: ٤/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>