للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الشمول في تفسير الرازي هو الذي يوضح لنا قول أبي حيان في تفسيره (البحر المحيط): «جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير، ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير» (١).

ويبدو ان الرازي كان يشعر بتوسعه في المباحث العقلية والكونية، فقال مدافعا عن موقفه: «وربما جاء بعض الجهال والحمقى وقال: إنك أكثرت في تفسير كتاب الله من علم الهيئة والنجوم، وذلك خلاف المعتاد، فيقال لهذا المسكين: إنك لو تأملت في كتاب الله حق التأمل لعرفت فساد ما ذكرته ... إن الله تعالى ملأ كتابه من الاستدلال على العلم والقدرة والحكمة بأحوال السماوات والأرض وتعاقب الليل والنهار وكيفية أحوال الضياء والظلام وأحوال الشمس والقمر والنجوم، وذكر هذه الأمور في أكثر السور، وكررها وأعادها مرة بعد أخرى، فلو لم يكن البحث عنها والتأمل في أحوالها جائزا لما ملأ الله كتابه منها ... » (٢).

خامسا- من التفاسير الصوفية: «لطائف الإشارات» - للقشيري:

التصوف منهج في الحياة ينحو نحو الزهد في زينة الدنيا، والاجتهاد في العبادة، وتهذيب النفس، وهو منهج إسلامي أصيل النشأة، لكنه تطور حتى صار على أيدي بعض المتأخرين فلسفة تتضمن أفكارا تتعارض مع التوحيد الخالص، وجاءت بتفسيرات تؤدي إلى تعطيل أحكام الشرع. وكتب عدد من كبار المتصوفة تفاسير للقرآن الكريم وفق منهجهم الذي يستند إلى الفكرة القائلة بأن لكل آية معنى ظاهرا ومعنى باطنا، وأنهم عن طريق الرياضة الروحية والتأمل العميق تنكشف لهم معاني للآيات تتجاوز دلالة الألفاظ اللغوية المتعارف عليها في اللغة العربية.


(١) البحر المحيط ١/ ٣٤١، وينظر: السيوطي: الإتقان ٤/ ٢١٣.
(٢) التفسير الكبي ١٤/ ١٢٠ - ١٢٢.

<<  <   >  >>