للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي رواه البخاري عن ابن عباس، حيث قال: «كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة» (١).

وكانت ثمرة ذلك التمكين لحفظ القرآن، وهذه المدارسة له بين رسول الله وجبريل أن حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن حفظا لا حظّ للنسيان فيه، قال مجاهد:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتذكر القرآن في نفسه، مخافة أن ينسى، فقال الله عز وجل:

سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) [الأعلى]» (٢). فقرأه على الصحابة، فكان بعضهم يكتبه، وكان آخرون يحفظونه، وأدّوه إلى من جاء بعدهم من أجيال المسلمين، وظل القرآن محفوظا كما تلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا.

[المبحث السادس تنجيم القرآن والحكمة منه]

أولا- نزول القرآن منجّما:

لم ينزل القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، وإنما نزل مفرّقا، وظل جبريل ينزل عليه بالقرآن مدة ثلاث وعشرين سنة، في الرأي الراجح، فقد روى البخاري عن عبد الله بن عباس أنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة، فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين» (٣).

ونزول القرآن مفرقا يسميه العلماء تنجيم القرآن، ويسمّون الشيء النازل منه في المرة الواحدة نجما، لأن من معاني النجم في اللغة «الوقت المضروب» وقد


(١) صحيح البخاري ١/ ٦. وينظر: البيهقي: دلائل النبوة ٧/ ١٤٦.
(٢) تفسير مجاهد ص ٧٥٢. وينظر: الطبري: جامع البيان ٣٠/ ١٥٤.
(٣) ابن حجر: فتح الباري ٧/ ٢٢٧، وينظر: الترمذي: كتاب السنن ٥/ ٥٥٢.

<<  <   >  >>