للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية الثامنة من سورة هودقوله تعالى: في قصة صالح: (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍقَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (هود: ٦٢)، وقال في سورة إبراهيم عليه السلام: (وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (إبراهيم: ٩)، للسائل أن يسأل عن ثبات النونين وهما للمضاعفة الداخلة للتأكيد ونون الضمير في ((إننا)) في سورة هود (وسقوط إحدى النونين في سورة إبراهيم من ((إِنّا) وعن إفراد النون في سورة هود: (في)) (تَدْعُونَا) والحاق نون ثانية في (تَدْعُونَنَا) من سورة إبراهيم؟

والجواب عن ذلك: أن ((إننا)) الواردة في سورة هود المضموم فيها إلى أن المشددة الناصبة للإسم والرافعة للخبر نون الضمير المنصوب وارده على ما يجب وعلى الأصل في إتصال الضمير المنصوب، ثم يجوز حذف إحدى المضاعفين تخفيفاً فنقول: (إنا) فنكتفي بالضمير عن النون المحذوفة، وذلك من فصيح كلامهم، والأصل الأول، وإذا تقرب هذا فاعلم أن الضمير المتصل بالفعل في (تدعونا) في سورة هود ضمير مفرد مستتر وهو ضمير صالح، عليه السلام، ورفع هذا الفعل بالضمة المقدرة في الواو من (تدعونا) ضمير قوم صالح. ولا نون هنا غير هذه، وأما قوله في سورة إبراهيم عليه السلام: (مِمَّا تَدْعُونَنَا) فالواو ضمير الرسل المقول لهم: (إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ)، ورفع هذا الفعل بالنون الأولى والنون الثانية ضمير المدعوّين، فلابد هنا من النونين في (تدعوننا)، فلما لزمت النونان هنا جيء معهما بإن المحذوفة النون لتقارب اللفظ أعني قرب إن من تدعوننا، فكان في مظنة الإستثقال فحسن الحذف حيث يجوز فقيل: (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (إبراهيم: ٩)، ولما لم يكن في (تدعونا) في سورة هود إلا نون واحدة وهي نون الضمير لم يستثقل، فجيء بإننا على الأصل فجاء كل على ما يجب، والله أعلم بما أراد.

الآية التاسعة من سورة هود، عليه السلام، قوله تعالى في قصة صالح: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (هود: ٦٧)، وقال في هذه السورة في قصة شعيب عليه السلام: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (هود: ٩٤)، يسأل عن سقوط علامة التأنيث من الفعل في قوله: (وَأَخَذَ) في قصة صالح وثبوتها فيه في قصصة شعيب مع التساوي في الفاعل وهي الصيحة والتساوي في الفصل الواقع بين الفعل وفاعله الرافع له؟

والجواب عن ذلك: أن التأنيث على ضربين حقيقي وغير حقيقي، فالحقيقي لا

<<  <  ج: ص:  >  >>