للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية الثانية عشر من سورة هود، عليه السلام، قوله تعالى: (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ) (هود: ٨١)، وقال في سورة الحجر: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) (الحجر: ٨٥) هنا ثلاثة سؤالات: أحدها (إلا أمراتك) في سورة هود، ولم يقع ذلك الإستثناء في الحجر، والثاني: ما ورد في الحجر قوله: (وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ)، والثالث قوله: (وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) ولم يذكر في سورة هود.

والجواب عن الأول: أن آية الحجر ورد قبلها قوله في قصة إيراهيم عليه السلام: (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ *الُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) (الحجر: ٥٧ - ٦٠)، فلما ورد هنا استثناء المرأة وذكر حالها وقع بذلك الاكتفاء فلم يذكر في الآية بعد، إذ ذلك كله كلام متصل بعضه ببعض، ولم يتقدم لامرأة لوط، عليه السلام، في سورة هود ذكر تحتيجة إلى استثنائها.

والجواب عن السؤال الثالث أن قوله في سورة الحجر: (وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) (الحجر: ٦٥) زيادة إخبار بما ليس في سورة هود، وقد تأخرت سورة الحجر عنها. فوفت بما لم يذكر في سورة هود، ومصل هذا لا سؤال فيه.

الآية الثالثة عشرغ - قولة تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) (هود: ٨٢)، وفي صورة الحجر: (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) (الحجر: ٧٤)، ففي الأولى: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا) والضمير للقرية والمراد أهلها، وفي الثانية: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا) والضمير لقوم لوط فللسائل (أن يسأل) عن وجه اختلاف الضمير مع اتحاد المقصود؟ والجواب عن ذلك، والله أعلم: أن كلا من الموضوعين مراعي فيه مناسبة ما تقدمه، ولما تقدم آية الحجر قوله تعالى: (قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) (الحجر: ٥٨)، فذكر قوم لوط موصوفين بالإجرام الموجب لهلاكهم فروعي هذا المتقدم فقيل: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا) (الحجر: ٧٤) ونظير هذا قوله تعالى في سورة الذاريات: (الُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ) (الذاريات: ٣٢ - ٣٣)، فقيل: (عليهم) لما تقدم (قوله): (إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ)، وأما آية هود فلم يتقدم فيها مثل هذا، فكتفى بضمير القرية فقيل: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا) (هود: ٨٢)،

<<  <  ج: ص:  >  >>