للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأغنى ذلك عن ذكر المهلكين إذ هم المقصودون بالعذاب، فورد كل على ما يناسب، والله أعلم.

الآية الرابعة عشر من سورة هود قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) (هود: ٩٦ - ٩٧)، وقال في سورة غافر: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ) (غافر: ٢٣ - ٢٤)، وقال في سورة الزخرف: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الزخرف: ٤٦)، وقد ذكر صاحب كتاب الدرة هذه الآيات الثلاث لستوائها في الافتتاح والمطالع وانفراد آيتي هود وغافر بزيادة قوله (وسلطان مبين)، ولم يذكر ذلك في آية سورة الزخرف، وقد ورد في مثل هذا أمثلة في العدد وإن خالفه في المطالع والافتتاح إلا أنها من ضربها وذلك قوله في سورة المؤمنون: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ * فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ) (المؤمنون: ٤٥ - ٤٧)، وتقدم في سورة الاعراف: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا) (الاعراف: ١٠٣)، وفي سورة يونس: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ) (يونس: ٧٥)، فورد في سورة هود وفي سورة المؤمنون وسورة غافر زيادة قوله: (وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ) ولم تزدد هذه الزياده في السور الثلاث الآخر، وورد في سورة يونس وسورة المؤمنون ذكر تأييد موسي بأخيه هارون، عليهما السلام، ولم يرد ذلك في غيرهما، وأنفردت سورة المؤمنون بالجمع بين تأييده، عليه السلام، بأخيه وسلطان مبين، فللسائل أن يسأل عن توجيه ذلك كله لاتحاد الاخبار؟

والجواب عنه، والله أعلم: أنه حيث يذكر سوء رد المرسل اليهم وقبح جوابهم يقابل ابدا تأيده بأخيه أو عضده بالآيات مما يقتضي القهر والإرغام وهو المعبر عنه بالسلطان المبين فيكون ذلك مقابلة لشنيع مجاوبتهم وسوء ردهم بالجملة، فإنه إذا اجتمع افصاحهم بالتكذيب واستكبارهم جمع في التهديد المتقدم بين التأييد بهارون وسلطان مبين، وحيث يصرح بالتكذيب أو ما يعطيه بيانا كقوله: (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ) قدم ذلك التأييد بالسلطان (المبين)، وحيث تذكرصفتان محوتان على تكذيب من غير إفصاح يقدم ذكر التأييد بهارون، عليه السلام، وما كان دون ما ذكر لم يذكر هارون ولا السلطان

<<  <  ج: ص:  >  >>