للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية الرابعة قوله تعالى: (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (النحل: ٣٤)، وفيسورة الزمر: (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا) (الزمر: ٥١).

ووجه ذلك، والله اعلم: استدعاء التناسب في كل من الموضعين، وقد ورد قبل أية النحل قوله تعالى مخبرا عن المشركين: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: ٢٨)، (ثم استمرت الاية الى قوله: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: ٣٢) ثم صرف الكلام الى كفار العرب فى توقفهم عن الايمان فقيل: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ) (النحل: ٣٣)، ثم قيل: (كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (النحل: ٣٣)، والمرادمن قال: (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) (النحل: ٢٨) ومن كان على مثل حالهم فقيل بناء على قولهم: (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ)، (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا) (النحل: ٣٤)، وتناسب هذا أبين تناسب.

وأما أية الزمر فقد وقع قبلها قوله: (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) (الزمر: ٤٧) الى قوله: (وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (الزمر: ٤٧و٤٨) وبعد هذا: (قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، ثم قال: (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ (يعنى كفار العرب)

سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا) (الزمر: ٥١)، فقد وضح وجه التناسب فى الآيتين، وعكس الوارد لا يناسب، والله اعلم.

الآية الخامسة قوله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (النحل: ٥٣ - ٥٥)، (وفى الروم: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (النحل: ٣٣ - ٣٤) وفى العنكبوت: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (العنكبوت٦٥ - ٦٦)، للسائل أن يسأل عن وجه تكرر اللام فى قوله: ((وليتمتعوا)) في سورة العنكبوت ولم يتكرر فى الآيتين الآخريين؟ وهل بين أية العنكبوت وأيتى النحل والروم فرق فى ذلك يوجب تكرار اللام حيث ذكر ام لا؟ وهل قوله فى سورة العنكبوت: (إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) يعم جميع المذكورين فى ذلك؟ وقال فى

<<  <  ج: ص:  >  >>