للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الأحزاب]

الآية الأولى منها قوله تعالى: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا) (الأحزاب: ٨)، وفيما بعد من السورة: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (الأحزاب: ٢٤)، (يسأل عما أعقبت به كل من الآيتين مع تقارب ما بني عليه التعقيب)؟

والجواب، والله أعلم: أاختلاف العقيب مرعي فيه ما تقدم قبل كل واحدة من الآيتين، أما الأولى فالمتقدم قبلها قوله تعالى: (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ) (الأحزاب: ١)، ثم لم يعد الكلام إلى شيء من مرتكبات المنافقين ولا تفصيل أحوالهم، فناسب هذا قوله: (وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا) (الأحزاب: ٨)، والكافر بالنفاق كاكافر المتظاهر بكفره. وأما الآية الثانية فتقدمها قوله تعالى: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) (الأحزاب: ١٢)، ثم تتابعت الآي بعد معرفة بسوء مرتكبهم وقبيح أفعالهم في ثماني آيات أو نحوها إلى قوله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب: ٢١)، ثم أعقب هذا بذكر حال المؤمنين، وذكر بأحسن ما يتحلى به الصادق في إيمانه، فقال تعالى: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) (الأحزاب: ٢٢). إلى عظيم ما وصفهم به سبحانه، ثم أعقب بذكر حال الفريقين فقال: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (الأحزاب: ٢٤)، (وقد أبقى سبحانه عليهم بقوله: (إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)) جرياً على المطرد من عظيم حمله وسعة عفوه. ورحمته، وكل من هذا وارد على أعظم مناسبة. قلت: وهذا (مما) يشبه المتشابه من الضرب الذي بني عليه هذا الكتاب وليس منه.

الآية الثانية من سورة الأحزاب قوله تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) (الأحزاب: ٣٨)، وفي آخر السورة: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) (الأحزاب: ٦٢) للسائل أن يسأل عن وجه الاختلاف فيما أعقبت به كل آية منها؟ ففي الأولى: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا)، وفي عقب الثانية (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>