للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال علي - رضي الله عنه -: (ما من شيء إلا وعلمه في القرآن، ولكن رأي الرجل يعجز عنه) (١).

وقال مجاهد: (عرضت المصحف على ابن عباس - رضي الله عنه - من فاتحته إلى خاتمته أقف عند كل آية وأسأله عنها) (٢).

فمن زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبلغ الأمة معاني كلام ربه بلاغاً مبيناً، لا سيما في أشرف ما في كتابه من ذكر صفاته تعالى ونعوته، بل يظن أنه بلغهم ألفاظه وأحالهم في فهم معانيه على ما يذكره أهل التحريف والتأويل، لم يكن شهد له بالبلاغ، وهذه حقيقة زعم الأشعريّيْن.

ولا ريب أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا أحرص الناس على الخير وأحبهم له، وأعظمهم إيماناً وأكملهم صلاحاً، وأشدهم حباً لله تعالى بعد الأنبياء والرسل. ومن أعظم ما تطمح إليه نفوسهم، وتصبو إليه قلوبهم معرفة خالقهم وإلههم الذي ألهته قلوبهم، حباً له وتعظيماً وخوفاً ورجاءاً، وهذا يستلزم حتماً أن يكونوا أعرف الناس بالله تعالى وبصفاته وأسمائه. فإذا كانوا أحرص الناس على معرفة أحكامه وحلاله وحرامه، فهم لمعرفة صفاته وآلائه وعظمته أشد حرصاً وأعظم طلباً، ومن الممتنع أن تكون صفات الله تعالى التي


(١) عزاه السيوطي في مفتاح الجنة (ص٦٦) لنصر المقدسي في كتاب الحجة على تارك المحجة.
(٢) رواه ابن جرير في تفسيره (٢/ ٣٩٥) والطبراني في الكبير (١١/ ٧٧)

<<  <   >  >>