للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٠) بَاب فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الدَّائِمِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ

٢١٥ - (٧٨٢) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ (يَعْنِي الثَّقَفِيَّ) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:

كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِيرٌ. وَكَانَ يُحَجِّرُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي فِيهِ. فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ. وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ. فَثَابُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ. فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ. فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا. وَإِنَّ أَحَبَّ

⦗٥٤١⦘

الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ". وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ.


(يحجره) كذا ضبطناه يحجره، أي يتخذه حجرة، كما في الرواية الأخرى. (فثابوا) أي اجتمعوا. وقيل: رجعوا للصلاة. (ما تطيقون) أي تطيقون الدوام عليه، بلا ضرر. (فإن الله لا يمل حتى تملوا) وفي الرواية الأخرى: لا يسأم حتى تسأموا. وهما بمعنى. قال العلماء: الملل والسآمة بالمعنى المتعارف في حقنا، محال في حق الله تعالى. فيجب تأويل الحديث. قال المحققون: معناه لا يعاملكم معاملة المال، فيقطع عنكم ثوابه وجزاءه وبسط فضله ورحمته، حتى تقطعوا عملكم. وقيل: معناه لا يمل إذا مللتم. وقاله ابن قتيبة وغيره. وحكاه الخطابي وغيره. وأنشدوا فيه شعرا. قالوا: ومثاله قولهم في البليغ: فلان لا ينقطع حتى تنقطع خصومه. معناه لا ينقطع إذا انقطع خصومه. ولو كان معناه ينقطع إذا انقطع خصومه لم يكن له فضل على غيره. (ما دووم عليه) هكذا ضبطناه دووم عليه. وكذا هو في معظم النسخ، دووم، بواوين. وفيه الحث على المداومة على العمل. وإن قليله الدائم خير من كثير ينقطع. وإنما كان القليل الدائم خيرا من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة. (أثبتوه) أي لازموه وداوموا عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>