للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأَرْضُ التِي هِيَ عَطنٌ، أَوْ مَقبَرَة ٌ، أَوْ حَمّامٌ، هِيَ مَسْجِدٌ، لكِنَّ اتخاذهَا لمّا وُجِدَ لهُ مَانِعٌ عَرَضَ لها: أَخْرَجَهَا عَنْ حُكمِهَا. وَلوْ خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تكوْنَ حَمّامًا، أَوْ مَقبَرَة ً: لكانتْ عَلى حَالِهَا.

وَذلِك َ أَنَّ اللفظ َ العَامَّ، لا يُقصَدُ بهِ بيانُ تفاصِيْل ِ الموَانِعِ، كقوْلِهِ تعَالىَ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}.

وَقدْ عُلِمَ أَنَّ العَقدَ لا بُدَّ فِيْهِ مِنْ عَدَمِ الإحْرَامِ، وَعَدَمِ العِدَّةِ، وَلا بُدَّ لهُ مِنْ شُرُوْطٍ وَأَرْكان.

الثالِثُ: أَنَّ هَذَا اللفظ َ العَامَّ، قدْ خُصَّ مِنْهُ الموْضِعُ النَّجِسُ، اعْتِمَادًا عَلى تَقييْدِهِ باِلطهَارَةِ، فِي قوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كلُّ أَرْض ٍ طيِّبَةٍ»، وَتَخْصِيْصُهُ باِلاسْتِثْنَاءِ المحَقق ِ، وَالنَّهْيِّ الصَّرِيْحِ أَوْلىَ وَأَحْرَى.

الرّابعُ: أَنَّ تِلك َ الأَحَادِيْثَ إنمَا قصِدَ بهَا بيانُ اخْتِصَاص ِ نبيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ باِلتَّوْسِعَةِ عَليْهمْ فِي الصَّلاةِ دُوْنَ مَنْ قبْلنا مِنَ الأَنبيَاءِ وَأُمَمِهمْ، حَيْثُ حُظِرَتْ عَليْهمُ الصَّلاة ُ إلا َّ في المسَاجدِ المبْنِيَّةِ للصَّلاة. فذَكرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلَ الخصِيْصَةِ وَالمزِيةِ، وَلمْ يَقصِدْ تفصِيْلَ الحكم.

وَاعْتَضَدَ ذلِك َ بأَنَّ هَذِهِ الأَمَاكِنَ قلِيْلة ٌ باِلنِّسْبَةِ إلىَ سَائِرِ الأَرْض ِ، فلمّا اتفقَ قِلتهَا، وَأَنهُ لمْ يَتَمَحَّض ِ المقصُوْدُ لِبيان ِ أَعْيَان ِ أَمَاكِن ِ الصَّلاةِ، ترَك َ اسْتِثْنَاءَهَا.

<<  <   >  >>