للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكلامُهُمْ هَذَا مَرْدُوْدٌ إنْ أُطلِقَ، فإنهُ لا يَصِحُّ إطلاقهُ إلا َّ عَلى الموَاضِعِ التِي عِلة ُ النَّهْيِّ فِيْهَا النَّجاسَة ُ، مَعَ مَنْعِ جَمَاعَاتٍ مِنْ أَهْل ِ العِلمِ إطلاقهُ فِيْهَا، وإنْ كانتِ العِلة ُ النَّجَاسَة ُ كمَا تقدَّمَ في كلامِ القاضِي وَكلامِ غيْرِه.

إلا َّ أَنهُ لا يَصِحُّ إدْخَالُ عُلوِّ المقبَرَةِ في ذلِك َ البتة َ، لاخْتِلافِ العِلةِ، وَتَحَقق ِ عِلةِ النَّهْيِّ الحقِيْقِيَّةِ عَن ِالصَّلاةِ في المقبَرَةِ في العُلوِّ وَفي السُّفل. وَقدْ قرَّرْنا في فصْل ٍ تقدَّمَ (ص٢٧ - ٤٣): أَنَّ عِلة َ النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ في المقابرِ وَعِنْدَهَا، هُوَ مَا في ذلك مِنْ فتْحِ بَابٍ لِلشِّرْكِ وَذرِيْعَةٍ إليْهِ، وَمَا فِيْهِ مِنْ مُشَابَهَةِ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى المتخِذِيْنَ قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد.

قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َفي «شَرْحِ العُمْدَةِ» (٢/ ٤٨٠ - ٤٨١): (وَذهَبَتْ طائِفة ٌ مِنْ أَصْحَابنا إلىَ جَوَازِ الصَّلاةِ إلىَ هَذِهِ الموَاضِعِ مُطلقا - أَي الموَاضِعَ المنْهيَّ عَن ِالصَّلاةِ فِيْهَا- مِنْ غيْرِ كرَاهَةٍ! وَهُوَ قوْلٌ ضَعِيْفٌ، لا يَلِيْقُ باِلمذْهَب.

وَمِنْهُمْ: مَنْ لمْ يَكرَهْ ذلِك َ إلا َّ في القبْرِ خَاصَّة ً، لأَنَّ النَّهْيَ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا صَحَّ في الصَّلاةِ إلىَ القبوْرِ كمَا تقدَّم.

وَلأَنهَا هِيَ التِي يُخافُ أَنْ تُتَّخذَ أَوْثانا، فالصَّلاة ُ إليْهَا شَبيْهَة ٌ باِلصَّلاةِ بيْنَ يَدَيْ الصَّنَمِ، وَذلِك َ أَعْظمُ مِنَ الصَّلاةِ بَيْنَهَا.

وَلِهَذَا يَكرَهُوْنَ مِنَ الصَّلاةِ إلىَ القبْرِ، مَا لا يَكرَهُوْنهُ مِنَ الصَّلاةِ إلىَ المقبَرَة.

<<  <   >  >>