للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقدْ نصَّ الشّارِعُ عَلى هَذِهِ العِلةِ كمَا تقدَّم) اه كلامُهُ رَحِمَهُ الله.

وَكمَا أَبطلتِ الأَدِلة ُ ظنَّ أُوْلئِك َ الظانيْنَ -لِجَهْلِهمْ- أَمْنَ الفِتْنَةِ: فقدْ أَبطلَ ظنَّهُمْ أَيضًا، حَالُ المسْلِمِيْنَ بَعْدَ وَفاةِ نبيِّهمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتأَخُّرِ سِنِيِّهمْ.

فوَقعَ كثِيْرٌ مِنْهُمْ فِيْمَا حَذَّرَ مِنْهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَشِيَهُ، حَتَّى عَمَّ ذلِك َ كثِيْرًا مِنْ بلادِ المسْلِمِيْنَ، فبُنِيَتِ المشاهِدُ عَلى القبوْرِ، وَعُظمَ مَنْ فِيْهَا مِنْ مَقبُوْرٍ، وَصُرِفتْ لهُ أَنوَاعٌ مِنَ العِبَادَاتِ، فهُمْ يَدْعُوْنهُ! وَيَسْتَغِيْثوْنَ وَيَسْتَشْفِعُوْنَ، وَيتوَسَّلوْنَ إلىَ اللهِ بهِ! وَيطوْفوْنَ حَوْلهُ! وَيَذْبَحُوْنَ وَينْذُرُوْنَ لهُ! وَيَحْلِفوْنَ بهِ! يَرْجُوْنَ رَحْمَتَهُ وَيَخافوْنَ عِقابهُ! حَتَّى أَصْبَحَ الرَّجُلُ لا يكادُ يجدُ في بلادٍ كثِيْرَةٍ مِنْ بلادِ المسْلِمِيْنَ، مَسْجِدًا خالِيًا مِنْ قبْر.

بَلْ بَلغَ الحالُ بكثِيْرٍ مِنْ أَصْحَابهَا: أَنْ حَجُّوْا إليْهَا، وَعَظمُوْا تُرْبتهَا، وَتبرَّكوْا بجَنَبَاتِهَا، وَفضلوْا الصَّلاة َ فِيْهَا عَلى كثِيْرٍ مِنْ بيوْتِ اللهِ الخالِيَةِ مِنْ ذلك.

بَلْ إنَّ حَالَ جَمَاعَاتٍ مِنْهُمْ، يَقتضِي تفضِيْلهَا عَلى المسَاجِدِ الثلاثةِ التِي لا تشَدُّ الرِّحَالُ إلا َّ إليْهَا، فمِنْهُمْ مَنْ يَحُجُّ إليْهَا كلَّ عَامٍ، وَلمْ يَحُجَّ حَجَّة َ الإسْلامِ! أَوْ حَجَّ مَرَّة ً وَكفته. أَمّا مَشَاهِدُ المشْرِكِيْنَ وَمَعَابدُهُمْ حَوْلَ القبوْرِ وَفِيْهَا: فلا تكفِيْهِ فِيْهَا مَرَّة ٌ، عِيَاذاً باِللهِ مِنَ الخذْلان.

وَمِمّا زَادَ مِنْ ضَلال ِهَؤُلاءِ وَإغوَائِهمْ، وَتحَكمِ أَدْوَائِهمْ

<<  <   >  >>