للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٤ - (باب فِي إِجَابَةِ الدَّاعِي)

[١٠٩٨] قَوْلُهُ (ائْتُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ) قَالَ النَّوَوِيُّ دَعْوَةُ الطَّعَامِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَدَعْوَةُ النَّسَبِ بِكَسْرِهَا هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعَرَبِ وَعَكَسَهُ تَيْمُ الرَّبَابِ فَقَالُوا الطَّعَامُ بِالْكَسْرِ وَالنَّسَبُ بِالْفَتْحِ

وَأَمَّا قَوْلُ قُطْرُبٍ فِي الْمُثَلَّثِ إِنَّ دَعْوَةَ الطَّعَامِ بِالضَّمِّ فَغَلَّطُوهُ فِيهِ

والْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ عُرْسٍ وَغَيْرِهِ

وقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ إِلَى الدَّعْوَةِ مُطْلَقًا عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِهِ

ونقله بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قاضي البصرة

وزعم بن حَزْمٍ أَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ مِنْ مَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ فِي وَلِيمَةِ الْخِتَانِ لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهَا لَكِنْ يُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يمنع القول بالوجوب لو دعو وعند عبد الرزاق بإسناد صحيح عن بن عُمَرَ أَنَّهُ دَعَا لِطَعَامٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ القوم أعفني

فقال بن عُمَرَ إِنَّهُ لَا عَافِيَةَ لَكَ مِنْ هَذَا فَقُمْ وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عن بن عباس أن بن صَفْوَانَ دَعَاهُ فَقَالَ إِنِّي مَشْغُولٌ وَإِنْ لَمْ تعفني جئته

وجزم بعدم الوجوب في غيره وَلِيمَةِ النِّكَاحِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَالَغَ السَّرَخْسِيُّ مِنْهُمْ فَنَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ إِتْيَانُ دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ حَقٌّ

والْوَلِيمَةُ الَّتِي تعرف وليمة العرس وكل دعوة دعى إِلَيْهَا رَجُلٌ وَلِيمَةٌ فَلَا أُرَخِّصُ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهَا وَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَنَّهُ عَاصٍ فِي تَرْكِهَا كَمَا تَبَيَّنَ لِي فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ

قَالَهُ الْحَافِظُ

وقَالَ فِي شَرْحِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرْنَا لَفْظَهُ مَا لَفْظُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اللَّامَ فِي الدَّعْوَةِ لِلْعَهْدِ مِنَ الْوَلِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا

وقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيمَةَ إِذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى طَعَامِ الْعُرْسِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْوَلَائِمِ فَإِنَّهَا تُقَيَّدُ انْتَهَى

قُلْتُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْحَافِظِ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَيُجَابُ أَوَّلًا بِأَنَّ هَذَا مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ الْوَلِيمَةَ الْمُطْلَقَةَ هِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَثَانِيًا بِأَنَّ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا يُشْعِرُ بِالْإِجَابَةِ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ وَلَا يُمْكِنُ فِيهِ مَا ادَّعَاهُ فِي الدَّعْوَةِ وذلك نحو ما في رواية بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ

ثُمَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>