للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُضَحَّى عَنِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُضَحَّى عَنْهُ) أَيْ عَنِ الْمَيِّتِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ رَخَّصَ بِحَدِيثِ الْبَابِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ (وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ عنه ولا يضحي وَإِنْ ضَحَّى فَلَا يَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا وَيَتَصَدَّقْ بِهَا كُلِّهَا)

وَكَذَلِكَ حَكَى الْإِمَامُ الْبَغَوِيُّ فِي شرح السنة عن بن الْمُبَارَكِ قَالَ فِي غُنْيَةِ الْأَلْمَعِيِّ مَا مُحَصَّلُهُ إِنَّ قَوْلَ مَنْ رَخَّصَ فِي التَّضْحِيَةِ عَنِ الْمَيِّتِ مُطَابِقٌ لِلْأَدِلَّةِ وَلَا دَلِيلَ لِمَنْ مَنَعَهَا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي كَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ قَدْ كَانُوا مَاتُوا فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ فِي أُضْحِيَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ كُلُّهُمْ

وَالْكَبْشُ الْوَاحِدُ الَّذِي يُضَحِّي بِهِ عَنْ أُمَّتِهِ كَمَا كَانَ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ كَذَلِكَ كَانَ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ أُمَّتِهِ بِلَا تَفْرِقَةٍ

وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الْكَبْشِ كُلِّهِ وَلَا يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا بَلْ قَالَ أَبُو رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُهُمَا جَمِيعًا الْمَسَاكِينَ وَيَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ

وَكَانَ دَأْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ هُوَ وَأَهْلُهُ وَيُطْعِمُ مِنْهَا الْمَسَاكِينَ وَأَمَرَ بِذَلِكَ أُمَّتَهُ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ خِلَافُهُ

فَإِذَا ضَحَّى الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَعْضِ أَمْوَاتِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِهِ وَعَنْ بَعْضِ أَمْوَاتِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْ تِلْكَ الْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا

نَعَمْ أَنْ تُخَصَّ الْأُضْحِيَّةُ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ دُونِ شَرِكَةِ الْأَحْيَاءِ فِيهَا فَهِيَ حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ انْتَهَى

مَا فِي غُنْيَةِ الْأَلْمَعِيِّ مُحَصَّلًا

قُلْتُ لَمْ أَجِدْ فِي التَّضْحِيَةِ عَنِ الْمَيِّتِ مُنْفَرِدًا حَدِيثًا مَرْفُوعًا صَحِيحًا

وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ فَضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْتَ

فَإِذَا ضَحَّى الرَّجُلُ عَنِ الْمَيِّتِ مُنْفَرِدًا فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(بَاب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَضَاحِيِّ)

[١٤٩٦] قَوْلُهُ (بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ فَحْلٌ فَحِيلٌ كَرِيمٌ مُنْجِبٌ فِي ضِرَابِهِ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>