للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ أَجْمَعُ وَأَغْنَى وَأَكْثَرُ فَائِدَةً مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَاتَّفَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَحَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ عَلَى أَنَّهُ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ رُبُعُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الْبَاقِي

وَقَالَ بن مَهْدِيٍّ أَيْضًا يَدْخُلُ فِي ثَلَاثِينَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَدْخُلُ فِي سَبْعِينَ بَابًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَذَا الْعَدَدِ الْمُبَالَغَةَ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ هَذَا الْحَدِيثُ رَأْسَ كُلِّ بَابٍ وَوَجَّهَ الْبَيْهَقِيُّ كَوْنَهُ ثُلُثَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ يَقَعُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ فَالنِّيَّةُ أَحَدُ أَقْسَامِهَا الثَّلَاثَةِ وَأَرْجَحُهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً وَغَيْرُهَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ فَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا كَانَتْ خَيْرَ الْأَمْرَيْنِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِكَوْنِهِ ثُلُثَ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَحَدُ الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثِ الَّتِي تُرَدُّ إِلَيْهَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ عِنْدَهُ وَهِيَ هَذَا وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَالْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ

تَنْبِيهٌ آخَرُ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمُبَارَكَ يَسْتَأْهِلُ أَنْ يُفْرَدَ لِشَرْحِهِ جُزْءٌ مَبْسُوطٌ بِجَمِيعِ فَوَائِدِهِ وَمَا يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ أَطْنَبَ فِي شَرْحِهِ شراح البخاري كالحافظ بن حَجَرٍ وَالْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِمَا إِطْنَابًا حَسَنًا مُفِيدًا وَإِنِّي قَدِ اقْتَصَرْتُ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَعَلَيْكَ أَنْ تُرَاجِعَ شُرُوحَ البخاري

٧ - (باب في الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)

أَيِ الْجِهَادِ

[١٦٥١] قَوْلُهُ (لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ) قَالَ الْحَافِظُ الْغَدْوَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْغَدْوِ وَهُوَ الْخُرُوجُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى انْتِصَافِهِ وَالرَّوْحَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّوَاحِ وَهُوَ الْخُرُوجُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا (خير من الدنيا وما فيها) قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ تَنْزِيلِ الْمَغِيبِ مَنْزِلَةَ الْمَحْسُوسِ تَحْقِيقًا لَهُ فِي النَّفْسِ لِكَوْنِ الدُّنْيَا مَحْسُوسَةً فِي النَّفْسِ مُسْتَعْظَمَةً فِي الطِّبَاعِ فَلِذَلِكَ وَقَعَتِ الْمُفَاضَلَةُ بِهَا وَإِلَّا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الدُّنْيَا لَا يُسَاوِي ذَرَّةً مِمَّا فِي الْجَنَّةِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الثَّوَابِ خَيْرٌ مِنَ الثَّوَابِ الَّذِي يَحْصُلُ لِمَنْ لَوْ حَصَلَتْ لَهُ الدُّنْيَا كُلُّهَا لَأَنْفَقَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>