للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١ - (بَاب مَا جَاءَ فِي كراهية الهجرة)

بِكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهِيَ مُفَارَقَةُ كَلَامِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَعَ تَلَاقِيهِمَا وَإِعْرَاضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْهَجْرِ هُنَا مُفَارَقَةَ الْوَطَنِ إِلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ هَذِهِ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا

قَوْلُهُ [١٩٣٢] (لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ (أَخَاهُ) أَيِ الْمُسْلِمَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أُخُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَالصَّحَابَةِ

قَالَ الطِّيبِيُّ وَتَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ إِشْعَارٌ بِالْعِلِّيَّةِ وَالْمُرَادُ بِهِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إِنْ خَالَفَ هَذِهِ الشَّرِيطَةَ وَقَطَعَ هَذِهِ الرَّابِطَةَ جَازَ هِجْرَانُهُ فوق ثلاثة انْتَهَى

قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ هِجْرَانُهُمْ (فَوْقَ ثَلَاثٍ) وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِهَا

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ الْهَجْرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَإِبَاحَتُهَا فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ وَالثَّانِي بِمَفْهُومِهِ قَالُوا وَإِنَّمَا عَفَا عَنْهَا فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مَجْبُولٌ مِنَ الْغَضَبِ وَسُوءِ الْخُلُقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعَفَا عَنِ الْهَجْرِ الثَّلَاثَ لِيَذْهَبَ ذَلِكَ الْعَارِضُ

وَقِيلَ إِنَّ الْحَدِيثَ لَا يَقْتَضِي إِبَاحَةَ الْهَجْرِ الثَّلَاثَةَ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ لَا يُحْتَجُّ بِالْمَفْهُومِ وَدَلِيلِ الْخِطَابِ انْتَهَى

فإن قلت لم هجرت عائشة بن الزُّبَيْرِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قُلْتُ قَدْ أَجَابَ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ السَّلَامِ فَقَطْ وَأَنَّ الَّذِي صَدَرَ مِنْ عَائِشَةَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا امْتَنَعَتْ مِنَ السَّلَامِ عَلَى بن الزُّبَيْرِ وَلَا مِنْ رَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ لَمَّا بَدَأَهَا بِالسَّلَامِ قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تَأْذَنُ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنٍ وَمَنْ دَخَلَ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حِجَابٌ إِلَّا إِنْ كَانَ ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا حِجَابَهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا فكانت في تلك المدة منعت بن الزُّبَيْرِ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا كَذَا قَالَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ الْمَأْخَذِ الَّذِي سَلَكَهُ مِنْ أَوْجُهٍ لَا فَائِدَةَ لِلْإِطَالَةِ بِهَا وَالصَّوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّ عائشة رأت أن بن الزُّبَيْرِ ارْتَكَبَ بِمَا قَالَ أَمْرًا عَظِيمًا وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا فَإِنَّ فِيهِ تَنْقِيصًا لِقَدْرِهَا وَنِسْبَةً لَهَا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>