للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعْنَى قَوْلِهِ لَا تَغْضَبْ اجْتَنِبْ أَسْبَابَ الْغَضَبِ وَلَا تَتَعَرَّضْ لِمَا يَجْلِبُهُ

وَأَمَّا نَفْسُ الْغَضَبِ فَلَا يَتَأَتَّى النَّهْيُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ طَبْعِيٌّ لَا يَزُولُ مِنَ الْجِبِلَّةِ

وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا تَغْضَبْ لِأَنَّ أَعْظَمَ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ الْغَضَبُ الْكِبْرُ لِكَوْنِهِ يَقَعُ عِنْدَ مُخَالَفَةِ أَمْرٍ يُرِيدُهُ فَيَحْمِلُهُ الْكِبْرُ عَلَى الْغَضَبِ

فَالَّذِي يَتَوَاضَعُ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ يَسْلَمُ مِنْ شَرِّ الْغَضَبِ

وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا تَفْعَلْ مَا يَأْمُرُكَ به الغضب

وقال بن التِّينِ جَمَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ لَا تَغْضَبْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِأَنَّ الْغَضَبَ يُؤَوِّلُ إِلَى التَّقَاطُعِ وَمَنْعِ الرِّفْقِ وَرُبَّمَا آلَ إِلَى أَنْ يُؤْذِيَ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِ فَيَنْتَقِصُ ذَلِكَ مِنَ الدِّينِ (فَرَدَّدَ ذَلِكَ) أَيِ الرَّجُلُ السُّؤَالَ يَلْتَمِسُ أَنْفَعَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَبْلَغَ أَوْ أَعَمَّ فَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ (مِرَارًا) أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا تَغْضَبْ) فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شيبة قال لاتغضب ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِيهَا بَيَانُ عَدَدِ الْمِرَارِ قَالَهُ الْحَافِظُ

فَإِنْ قُلْتَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُطَابِقُ الْبَابَ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا تَغْضَبْ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ مُطْلَقِ الْغَضَبِ لَا عَنْ كَثْرَةِ الْغَضَبِ

قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَا تَغْضَبِ النَّهْيُ عَنْ كَثْرَةِ الْغَضَبِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْغَضَبِ غَرِيزَةٌ لَا يُمْكِنُ الِاجْتِنَابُ عَنْهُ فَالْمُطَابَقَةُ ظَاهِرَةٌ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ خَبَرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ أَبْوَابِ الْفِتَنِ

وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ (وَأَبُو حَصِينٍ اسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَسَدِيُّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ حَصِينٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو حَصِينٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ

ثِقَةٌ ثَبْتٌ سُنِّيٌّ وَرُبَّمَا دَلَّسَ مِنَ الرَّابِعَةِ

٤ - (بَاب مَا جَاءَ فِي كَظْمِ الْغَيْظِ)

قَدْ سَقَطَ هذا الباب من بعض النسخ

قوله [٢٠٢١] (أخبرنا سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ) الْخُزَاعِيِّ مَوْلَاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَبُو يَحْيَى بْنُ مِقْلَاصٍ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ السَّابِعَةِ (عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ) نزيل مصر لابأس بِهِ إِلَّا فِي رِوَايَاتِ زَبَّانَ عَنْهُ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>