للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ: ذِكْرِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ

ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً} ١. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ، الْمَعْنَى: انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلا أَوْ زِدْ عَلَى النِّصْفِ فَجُعِلَ لَهُ سَعَةً فِي مُدَّةِ قِيَامِهِ، إِذْ لَمْ تَكُنْ مَحْدُودَةً فَكَانَ (يَقُومُ) ٢ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَخَافَةَ أَنْ لا يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ، فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} ٣ هَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ.

وَقَالُوا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ سُورَةٌ نَسَخَ آخِرُهَا أَوَّلَهَا سِوَى هَذِهِ السُّورَةِ٤ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ نُسِخَ٥ قِيَامُ اللَّيْلِ فِي حَقِّهِ بِقَوْلِهِ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} ٦ وَنُسِخَ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ٧ وَقِيلَ: نُسِخَ عَنِ الأُمَّةِ وَبَقِيَ فَرْضُهُ عَلَيْهِ أَبَدًا، وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ مَفْرُوضًا عَلَيْهِ دُونَهُمْ.


١ الآيتان الثانية والثالثة من سورة المزمل.
٢ في (هـ): يقول، وهو تحريف.
٣ الآية (٢٠) من السورة نفسها.
٤ ذكر ذلك هبة الله في الناسخ والمنسوخ ص: ٩٢.
٥ هذه العبارة مكررة في (هـ).
٦ الآية (٧٩) من سورة الإسراء.
٧ قال الإمام الشافعي رحمه الله في رسالته١/ ١١٦، بعد عرض هاتين الآيتين: "فكان يقيناً في كتاب الله نسخ قيام الليل، ونصفه والنقصان في النصف والزيادات عليه بقوله: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنهُ}، فاحتمل هذا القول على معنيين:
أحدهما: أن يكون فرضاً ثابتاً لأنه أزيل به فرض غيره.
والآخر: أن يكون فرضاً منسوخاً أزيل بغيره، كما أزيل به غيره وذلك لقول الله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} الإسراء (٧٩) فاحتمل قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} أن يتهجد بغير الذي فرض عليه مما تيسر منه. قال: فكان الواجب طلب الاستدلال بالسنة على أحد المعنيين فوجدنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن لا واجب من الصلاة إلا الخمس، فصرنا إلى أن الواجب الخمس وأن ما سواها من واجب من صلاة قبلها منسوخ بها استدلالاً بقول الله: {فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} وأنها ناسخة لقيام الليل ونصفه وثلثه وما تيسر: انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>