للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ

٥٢٦ - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ كَتَبَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ: " ثُمَّ إِنَّ سِيَاحَةَ الْمُشْرِكِينَ كَانَتْ عَامَ الْأَوَّلِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَمَوْطِئَهُمْ حَرِيمَهُمْ وَاسْتِنْزَالَهُمْ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَذَرَارِيَّهُمْ بِمَعَاقِلِهِمْ بقَلِيقَلَا، لَا يَلْقَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَاصِرٌ، وَلَا عَنْهُمْ مُدَافِعٌ، كَانَتْ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِي النَّاسِ، وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ، فَإِنَّ بِخَطَايَاهُمْ سُبِيُوا، وَبِذُنُوبِهِمُ اسْتُخْرِجَتِ الْعَوَاتِقُ مِنْ خُدُورِهِنَّ، يَكْشِفُ الْمُشْرِكُونَ عَوْرَاتِهِمْ، قَدْ تَدَاخَلَتْ أَيْدِي الْكُفَّارِ فِي أَنْكَابِهِنَّ، حَوَاسِرٌ عَنْ سُوقِهِنَّ وَأَقْدَامِهِنَّ، وَرُدَّ أَوْلَادُهُنَّ إِلَى صِبْغَةِ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ، مُقِيمَاتٌ فِي خُشُوعِ الْحُزْنِ وَضَرْبِ الْبُكَاءِ، يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى إِعْرَاضِ النَّاسِ عَنْهُنَّ، وَرَفْضِهِمْ إِيَّاهُنَّ فِي أَيْدِي عَدُوِّهِنَّ، وَاللَّهُ يَقُولُ مِنْ بَعْدِ أَخْذِهِ الْمِيثَاقَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ إِخْرَاجَهُمُ فَرِيقًا مِنْهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ كُفْرٌ، وَمُفَادَاتِهِمْ أَسْرَاهُمْ إِيمَانٌ. ثُمَّ أَتْبَعَ اخْتِلَافَهُمْ وَعِيدًا مِنْهُ شَدِيدًا، أَلَا يَهْتَمُّ بِأُمُورِهِنَّ جَمَاعَةٌ، وَلَا يَقُومُ فِيهِنَّ خَاصَّةٌ، فَيُذَكِّرُوا بِهِنَّ إِمَامَ جَمَاعَتِهِنَّ؟ ⦗٣٣٨⦘ فَلْيَسْتَعِنْ بِاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلْيَتَحَنَّنْ عَلَى ضُعَفَاءِ أُمَّتِهِ، وَلَّيَتَّخِذَ إِلَى اللَّهِ فِيهِنَّ سَبِيلًا، وَلْيَخْرُجْ مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهِنَّ، بِأَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ هَمِّهِ وَآثَرُ أُمُورِ أُمَّتِهِ عِنْدَهُ مُفَادَاتَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَضَّ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الضُّعَفَاءِ فِي دَارِ الشِّرْكِ، فَقَالَ: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: ٧٥] . هَذَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَوْمٌ فِيهِمْ، فَكَيْفَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنَاتِ، يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْهُنَّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْنَا إِلَّا بِنِكَاحٍ.

٥٢٧ - قَالَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، أَنَّهُ كَانَ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ «أَنْ لَا يَتْرُكُوا مُفْرَحًا أَنْ يُعِينُوهُ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ» ، وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَيْءٌ مَوْقُوفٌ، وَلَا أَهْلُ ذِمَّةٍ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِمْ خَرَاجًا، إِلَّا خَاصَّةَ أَمْوَالِهِمْ. ثُمَّ وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّسَاءِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَوْلُهُ: أُوصِيكُمْ بِالضَّعِيفَيْنِ خَيْرًا الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ "، وَرَأْفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بِهِمْ قَوْلُهُ: «إِنِّي لَأَقُومُ لِلصِّلَاةِ، أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ» فَبُكَاؤُهَا عَلَيْهِ مِنْ صِبْغَةِ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ بُكَائِهِ بَعْضَ سَاعَةٍ وَهِيَ ⦗٣٣٩⦘ تُصَلِّي، وَلْيَعْلَمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ رَاعٍ، وَأَنَّ اللَّهَ مُسْتَوْفٍ مِنْهُ حُقُوقَهُ حِينَ يُوقَفُ عَلَى مَوَازِينِ الْقِسْطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُلَقِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّةً، وَيُحْسِنَ بِهِ الْخِلَافَةَ لِرَسُولِهِ فِي أُمَّتِهِ، وَيُؤْتِيَهُ مِنْ لَدُنْهُ عَلَيْهِ أَجْرًا عَظِيمًا "

<<  <  ج: ص:  >  >>