للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه شهادة منصفة من رجل متمكن من اللغة العربية ولغته الفرنسية، هو المستشرق الفرنسي الدكتور ماردريس، فقد كلفته وزارة الخارجية والمعارف الفرنسيتان بترجمة ٦٢ سورة من السور الطوال، فحاول جهده، وقال في مقدمة ترجمته هذه (١):

«أما أسلوب القرآن فهو أسلوب الخالق جلّ وعلا، فإن الأسلوب الذي ينطوي على كنه الكائن الذي صدر عنه هذا الأسلوب لا يكون إلا إلهيا ..

لذلك كان من الجهد الضائع غير المثمر أن يحاول الإنسان أداء تأثير هذا النثر البديع الذي لم يسمع بمثله بلغة أخرى، وخاصة الفرنسية القاسية الضيقة التي لا تتسع للتعبير عن الشعور .. زد على ذلك أن اللغة الفرنسية ومثلها جميع اللغات العصرية ليست لغة دينية، وما استعملت قط للتعبير عن الألوهية» (٢).

[حكم الترجمة التفسيرية]

إن تفسير القرآن الكريم علم جليل، وهو من العلوم التي فرض الله على الأمة تعلمها وتعليمها، والترجمة التفسيرية هي تفسير للقرآن الكريم بلغة أخرى غير اللغة العربية، فكانت هذه الترجمة فرضا مما فرضه الله تعالى على الأمة، بل هي الآن أكثر فرضية لما يترتب عليها من الواجبات المحتمة، مثل تبليغ معاني القرآن على وجه صحيح إلى المسلمين غير العرب، وكذلك إلى غير المسلمين أيضا، ومثل المحافظة على العقيدة الإسلامية من التحريف الخاطئ أو المعتمد الذي كثر فيما يسمى ترجمات القرآن، مما يشوّش عقيدة قارئها المسلم، ويصد غير المسلم عن دين الله تعالى، وكذلك الدفاع عن القرآن بكشف أضاليل المبشرين والمستشرقين الذين تعالت أصوات الشكايات من دسهم وتزييفهم.


(١) الصادرة سنة ١٩٢٦. كما في المعجزة الخالدة ص ١٨٦ - ١٨٧ عن الوحي المحمدي ص ٢١ - ٢٢.
(٢) هذا هو حال اللغة العربية قبل نزول القرآن، كما يلاحظ من دراسة الأدب الجاهلي، لكن إعجاز القرآن هو الذي جعلها لغة دين وإيمان بأقصى تفاصيل إيمانية وإلهية لا توجد في دين آخر، كما جعلها لغة العلوم والمعارف.

<<  <   >  >>