للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد هذه المقدمة التمهيدية والفكرة السريعة حول الديانة المانوية نشرع في ترجمة ماني وحياته وذكر مبادئه إن شاء الله تعالى.

حياة ماني في شبابه والعمل الدعوي الأول: عاش في حوالي عام مائتين بعد الميلاد أمير فرسي اسمه فتقن، كان من أصل أشكانك عاش في مدينة همزان عاصمة إقليم مديا، وكان متزوجًا من سيدة حملت اسم مريم وهي تسمية يهودية مسيحية، وكانت مريم تنتمي إلى أسرة كمسريكان، وهي أسرة إمارة من أسر الدولة الفرثية، كما أنها كانت فرعًا فروع الأسرة الأشكانية الحاكمة للإمبراطورية الفرثية، وهي الأسرة التي قُدر لها أن تشغل دورًا بارزًا في تاريخ أرمينيا، وعليه فإن الدم الملكي الأشكاني الذي أسهم به الأبوان قد سرى في عروق الابن الذي كتب لمريم أن تلده، وغادر فتق همزان واتخذ مقرًّا له في طيسيفونسلوقية، وهي العاصمة الإمبراطورية الفخمة، وغالبًا ما تنقل الإقطاعيون الكبار وتناوبوا السكنى بين مقراتهم الريفية والقصور الفخمة في العاصمة.

هذا؛ ويبدو أن انتقال فتق من موطنه إقليم مديا كان بصورة دائمة، ومن الواضح أن اهتماماته قد تركزت على الدين بشكل مطلق، فقد كان مثل العديد من أترابه باحثًا عن الله، ويخبرنا أحد المصادر العربية أنه عندما كان في بيت الأصنام، وكان فتق يحضر كما يحضر سائر الناس، فلما كان في يوم من الأيام هتف به من هيكل بيت الأصنام هاتف: يا فتق لا تأكل لحمًا ولا تشرب خمرًا ولا تنكح بشرًا، تكرر ذلك دفعات في ثلاثة أيام، فلما رأى فتق ذلك لحق بقوم كانوا في نواحي دسميسان معروفين بالمغتسبة، كما ذكره صاحب (الفهرس النبيل).

<<  <   >  >>