للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي في (ريّ الظمآن) فقال: هذا كلام من لا يعرف لسان العرب؛ فإن إله في موضع المبتدأ على قول سيبويه، وعند غيره اسم لا، وعلى التقديرين فلا بد من خبر للمبتدأ، وإلا فما قاله من الاستغناء عن الإضمار فاسد.

وأما قوله: إذا لم يُضمر يكون نفيًا للماهية، فليس بشيء؛ لأن نفي الماهية هو نفي الوجود، لا تُتصور الماهية إلا مع الوجود، فلا فرق بين لا ماهية ولا وجود، وهذا مذهب أهل السنة خلافًا للمعتزلة، فإنهم يثبتون ماهية عارية من الوجود. وإلا الله: مرفوع بدلًا مِن لا إله، لا يكون خبرًا له ولا للمبتدأ، وذكر الدليل على ذلك.

وليس المراد هنا ذكر الإعراض، بل المراد دفع الإشكال الوارد على النحاة في ذلك، وبيان أنه من جهة المعتزلة وهو فاسد، فإن قولهم في الوجود ليس تقييدًا؛ لأن العدم ليس بشيء. قال تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} (مريم: ٩).

ولا يقال: ليس قوله: غيره، كقوله: إلا الله؛ لأن غيرًا تعرب بإعراب الاسم الواقع بعد إلا، فيكون التقدير للخبر فيهما واحد، فلهذا ذكرت هذا الإشكال وجوابه هنا". انظر شرح (العقيدة الطحاوية).

ب- توحيد الصفات: إن نفاة الصفات أدخلوا نفي الصفات في مسمى التوحيد، كالجهم بن صفوان ومن وافقه، فإنهم قالوا: إثبات الصفات يستلزم تعدد الواجب. وهذا القول معلوم الفساد بالضرورة؛ فإن إثبات ذات مجردة عن جميع الصفات لا يتصور لها وجود في الخارج، وإنما الذهن قد يفرض المحال ويتخيله، وهذا غاية التعطيل. وهذا القول قد أفضى بقوم إلى القول بالحلول أو الاتحاد، وهو أقبح من كفر النصارى؛ فإن النصارى خصوه بالمسيح، وهؤلاء عمموا جميع المخلوقات.

<<  <   >  >>