للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتبدو وحدانية الله عند الزرادشتيين من العهد الذي يجب أن يأخذه الزرادشتي على نفسه، وفيه يقول: لن أُقدِم على سلب أو نهب أو تخريب أو تدمير، ولن آخذ بالثأر، وأقر أني أعبد الإله الواحد أهورمزدا، وأني اعتنق دين زرادشت، وأقر أني سألتزم التفكير في الخير والكلام الطيب والعمل الصالح.

ومن المسلم أن الله الواحد الخالق قد أوجد عديدًا من القوى المخلوقة وفق حكمة معينة ومنها قوة الخير وقوة الشر، وإليهما ترمز الزرادشتة بالنور والظلمة؛ النور رمز الخير ويطلقون عليه اسم شترا، والظلمة رمز الشر ويطلق عليها اسم أهرمن، وتؤكد النصوص أن هاتين القوتين عنصران أساسيان في قوام الحياة، أوجدهما الإله الخالق؛ لينشط كلٌّ منهما من مجال خاص به، جاء في اليسنا الثلاثين ما يلي:

في البداية الروحان اللذان هما توءمان أحدهما الخير والآخر الشر، في التفكير وفي الكلمة وفي الفعل، وبين هذين العاقل يحسن الاختيار، وليس كذلك الأحمق، وعندما يرتد أحد الروحين عن الآخر يعلمان أساس الحياة للحياة، وفي النهاية تكون أسوء الحال للأنذال، ولكن للأخيار الفكر الخيّر، من هذين الروحين اختاروا الشر لعمل السيئات، ولكن الروح القدس يكون بجانب العدالة ويعمل آنئذ كل ما من شأنه أن يرضي الله الحكيم بالأعمال الخيرة، وهذا النص صريح في أن قوة الخير وقوة الشر ليست محددة في شيء مادي معين، لكن يرمز لهما بشيء معين وأنهما من خلق الله وإيجاده.

وبعد وفاة زرادشت دخل التغيير والتحريف في هذه العقيدة الموحِّدة، فظهر من قال بأن هناك إلهين هو إله النور، وإله الظلمة، ثم قدست النار، وعبدت وأقيمت لها المعابد والبيوت، وأصبحت الديانة الفارسية بعد هذا التحريف تعرف

<<  <   >  >>