للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبين مما ذكرناه أن هذه القصة المروية عن مالك قصة باطلة موضوعة، وقد حقق القول في ذلك على طريقة أخرى شيخ الإسلام في " القاعدة الجليلة " (١/ ٢٢٧ - ضمن مجموع الفتاوى) وابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " فليراجعهما من أراد المزيد من الاطلاع على بطلانها، فإن فيما أوردت كفاية.

وبذلك ثبت وضع حديث توسل آدم بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وخطأ من خالف.

ولقد أطلت كثيراً في تحقيق الكلام عليه وعلى الأحاديث التي قبله، وما كنت أود ذلك لولا أنى وجدت نفسي مضطراًّ لذلك، لما وقفت على مغالطات الشيخ الكوثري، فرأيت من الواجب الكشف عنها لئلَّا يغتر بها من لا علم له بما هنالك! فمعذرة إلى القراء الكرام.

هذا وإن من الآثار السيئة التي تركتها هذه الأحاديث الضعيفة في التوسل أنها صرفت كثيراً من الأمة عن التوسل المشروع إلى التوسل المبتدع، ذلك لأن العلماء متفقون- فيما أعلم- على استحباب التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة من صفاته تعالى، وعلى توسل المتوسل إليه تعالى بعمل صالح قدمه إليه عز وجل.

ومهما قيل في التوسل المبتدع فإنه لا يخرج عن كونه أمراً مختلفاً فيه، فلو أن الناس أنصفوا لانصرفوا عنه احتياطاً وعملاً بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» إلى العمل بما أشرنا إليه من التوسل المشروع، ولكنهم مع الأسف أعرضوا عن هذا وتمسكوا بالتوسل المختلف فيه كأنه من الأمور اللازمة التي لابد منها ولازموها ملازمتهم للفرائض! فإنك لا تكاد تسمع شيخاً أو عالماً يدعو بدعاء يوم الجمعة وغيره إلا ضمنه التوسل المبتدع، وعلى العكس من ذلك فإنك

<<  <  ج: ص:  >  >>