للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يخطئون فيه ويصيبون، ولسنا ملزمين بالعمل بها.

وثالثها: أن أبا النعمان هذا هو محمد بن الفضل، يعرف بعارم، وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخر عمره. وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي حيث أورده في "المختلطين" من كتابه "المقدمة" وقال (ص٣٩١): "والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده".

قلت: وهذا الأثر لا يدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده، فهو إذن غير مقبول، فلا يحتج به (١)، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في"الرد على البكري" (ص٦٨ - ٧٤): (وما روي عن عائشة رضي الله عنها من فتح الكوة من قبره إلى السماء، لينزل المطر فليس بصحيح، ولا يثبت إسناده، ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة، بل كان باقياً كما كان على عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، بعضه مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه، كما ثبت في "الصحيحين" عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء بعد، ولم تزل الحجرة النبوية كذلك في مسجد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .. ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد، ثم إنه بُنيَ حول حجرة عائشة التي فيها القبر جدار عال، وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف. وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بين لو صح ذلك لكان حجة ودليلاً على أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله بمخلوق ولا يتوسلون في دعائهم بميت، ولا يسألون الله به، وإنما فتحوا على


(١) وتغافل عن هذه العلة الشيخ الغماري في "المصباح" (٤٣) كما تغافل عنها من لم يوفق للإصابة، ليوهموا الناس صحة هذا الأثر. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>