للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الرابع:

الشبهة الرابعة: قياس الخالق على المخلوقين:

يقول المخالفون، إن التوسل بذوات الصالحين وأقدارهم أمر مطلوب وجائز، لأنه مبني على منطق الواقع ومتطلباته، ذلك أن أحدنا إذا كانت له حاجة عند ملك أو وزير أو مسؤول كبير فهو لا يذهب إليه مباشرة، لأنه يشعر أنه ربما لا يلتفت إليه، هذا إذا لم يرده أصلاً، ولذلك كان من الطبيعي إذا أردنا حاجة من كبير فإننا نبحث عمن يعرفه، ويكون مقرباً إليه أثيراً عنده، ونجعله واسطة بيننا وبينه، فإذا فعلنا ذلك استجاب لنا، وقضيت حاجتنا، وهكذا الأمر نفسه في علاقتنا بالله سبحانه-بزعمهم-فالله عز وجل عظيم العظماء، وكبير الكبراء، ونحن مذنبون عصاة، وبعيدون لذلك عن جناب الله، ليس من اللائق بنا أن ندعوه مباشرة، لأننا إن فعلنا ذلك خفنا أن يردنا على أعقابنا خائبين، أو لا يلتفت إلينا فنرجع بخفي حنين، وهناك ناس صالحون كالأنبياء والرسل والشهداء قريبون إليه سبحانه، يستجيب لهم إذا دعوه، ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا لديه، أفلا يكون الأولى بنا والأحرى أن نتوسل إليه بجاههم، ونقدم بين يدي دعائنا ذكرهم، عسى ان ينظر الله تعالى إلينا إكراماً لهم، ويجيب دعاءنا مراعاة لخاطرهم، فلماذا تمنعون هذا النوع من التوسل، والبشر يستعملونه فيما بينهم، فلم لا يستعملونه مع ربهم ومعبودهم؟

ونقول جواباً على هذه الشبهة: إنكم يا هؤلاء إذن تقيسون الخالق على المخلوق، وتشبهون قيوم السماوات والأرض، أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، الرؤوف الرحيم بأولئك الحكام الظالمين، والمتسلطين المتجبرين الذين لا يأبهون لمصالح الرعية، ويجعلون بينهم وبين الرعية حجباً وأستاراً، فلا يمكنها أن تصل

<<  <  ج: ص:  >  >>