للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمور الغيبية التي أظهر الله تعالى نبيه عليها، ثم بلَّغنا إياها، فكيف يصح بعد هذا أن يرتاب مسلم في حديثه لأنه يخبر عن الغيب؟! ولو جاز هذا للزم منه رد أحاديث كثيرة جداً قد تبلغ المائة حديثاً أو تزيد، هي كلها من أعلام نبوته - صلى الله عليه وآله وسلم - وصدق رسالته، وردُّ مثل هذا ظاهر البطلان، ومن المعلوم أن ما لزم منه باطل فهو باطل، وقد استقصى هذه الأحاديث المشار إليها الحافظ ابن كثير في تاريخه وعقد لها باباً خاصاً فقال: " باب ما أخبر به - صلى الله عليه وآله وسلم - من الكائنات المستقبلة وفي حياته وبعدها فوقعت طبق ما أخبر به سواء بسواء " ثم ذكرها في فصول كثيرة فليراجعها [من] .. شاء في "البداية والنهاية" (٦/ ١٨٢ - ٢٥٦) يجد في ذلك هدى ونوراً بإذن الله تعالى, وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ}. وقال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلَا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرْضِ أَلَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ}.

فليقرأ المسلمون كتاب ربهم وليتدبروه بقلوبهم يكن عصمة لهم من الزيغ والضلال، قال - صلى الله عليه وآله وسلم -:

«إن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً» (١).

" مقالات الألباني" (ص ١٥٩ - ١٦١)


(١) حديث صحيح، أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص٧٤) وابن حبان في صحيحة (ج ١ رقم ١٢٢) بسند صحيح، وقال المنذري في "الترغيب" (١/ ٤٠): "رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد". [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>