للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعطّل أحاديث كثيرة وكثيرة جداً صريحة في الحض على تعاطي الإرقاء للآخرين من ذلك ما رواه مسلم نفسه في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» قال هذا بمناسبة الرقية.

هناك حديث آخر وله صلة وثقى بما نحن فيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل يوماً على زوجته حفصة رضي الله عنها فوجد عندها امرأة فقال لها: «ألا تعلمينها الكتابة كما علمتيها رقية النملة؟» (١) فهذا فيه حض أن يتعلم المسلم الرقية لينفع أخاه المسلم، ولذلك جاءت أحاديث أخرى كما أشرت آنفاً فيها الأمر بالإرقاء، من ذلك مثلاً أنه عليه الصلاة والسلام رأى أظن في وجه امرأة أو شخص لا أذكر الآن علامات مرض، فقال: «ارقوها» أمر بالإرقاء، ولذلك فلا بد هنا من شيئين اثنين ألا وهما: التفريق في الحديث بين الرواية من جهة، والشيء الآخر التفريق بينهما في الدراية، أي في الفقه؛ ففقهاً يستحب للمسلم أن يرقي غيره، ولكن لا يستحب للمسلم أن يطلب الرقية من غيره جمعاً بين هذه النصوص؛ لأن من صفات المتوكلين على الله حقاً والذين يدخلون الجنة وجوههم كالقمر ليلة البدر من صفاتهم أنهم لا يسترقون، ولكن قد علمتم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمر بالإرقاء فإذاً لا بد من التفريق فقهاً أيضاً بين الإرقاء للغير فهذا مستحب، وبين طلبك الرقية من الغير فهذا مكروه، وفي النهاية إذا ربطنا هذا البحث بسؤالك الآنف ذكره أن الرسول رقى نفسه نعم، لكن هو لم يسترق من غيره، فإذاً ما فيه خلاف.

مداخلة: هناك سؤال يا شيخ: عائشة رقت الرسول عليه الصلاة والسلام؟

الشيخ: كانت ترقيه؟


(١) صحيح الجامع (رقم٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>