للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[٤١٢] باب حكم سؤال الجن عن أمور الغيب النسبي]

السؤال: ما حكم سؤال الجن عن أمور الغيب النسبي؟

الجواب: لا نرى التوجه إلى الجن في أسئلة تتعلق بأمور غيبية؛ لأن ذلك من بواعث ضلال البشر، والله عز وجل ذكر في القرآن الكريم شيئاً من ضلال المشركين السابقين حيث قال رب العالمين تبارك وتعالى حكاية عن أهل الجن الذين جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وآمنوا به، فقد كان من قولهم: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (الجن: ٦) فالاستعانة بالجن في معرفة الغيب هو كما يقول بعض المتقدمين حينما يستنكر استغاثة المخلوق بالمخلوق، إنه كاستغاثة السجين بالسجين، فاستعانة البشر بالجن على معرفة الغيب، هذا كاستعانة البشر بالبشر، فإن الجنسين من الإنس والجن يشتركان في عدم معرفة الغيب، أما حينما يكون المقصود بالغيب هو أمر واقع ولكنه غائب عن البشر بسبب أن طاقاتهم وقدراتهم محدودة، وطاقات الجن أوسع، فكذلك نقول لا ينبغي؛ لأن الأمر مع الاستمرار في الاستعانة بهم سيتوسع ويتسع الخرق على الراقع، فيقع الناس في الإشراك بالله عز وجل في شرك الصفات؛ لأنكم تعلمون جميعاً أن الله عز وجل واحد في ذاته، واحد في عبادته، واحد في صفاته، فلا يشاركه أحد من المخلوقات مطلقاً في معرفة الغيب كما قال تبارك وتعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن: ٢٧) فالأنبياء والرسل أنفسهم لا يعلمون الغيب، ولكن الله عز وجل بطريق الإيحاء إليهم يُعلِّمهم عن بعض المغيبات، ولا نبي بعد نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم -، لذلك فطريق معرفة الغيب هذا طريق مسدود سواء كان من الغيب الذي لم يقع، أو من الغيب الذي وقع، وهو غير داخل في طوق البشر، فالاستعانة بالجن في هذا النوع وهو بلا شك مزلة

<<  <  ج: ص:  >  >>