للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالحاً كما يدعي بعض الناس فلا بد من أن ينضح صلاحه على جسده وعلى ظاهره على حسب قول من قال:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم

يؤكد هذا المعنى الذي أوضحه هذا الحديث من ارتباط الظاهر بالباطن نصوص أخرى كثيرة، من ذلك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما جاء في غير ما حديث صحيح، كان إذا قام إلى الصلاة لم يكبر إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف، ويؤخر المتقدم ويقدم المتأخر حتى يسوي الصفوف كالقداح، كالرماح، خط مستقيم جداً، ويقول لهم في جملة ما يقول في بعض الأحيان: «لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» وفي رواية: «بين قلوبكم»، فهذا نص آخر صريح وصريح جداً؛ لأن الاختلاف اختلاف المسلمين في ظواهرهم ومظاهرهم يؤدي إلى اختلافهم في صدورهم وفي بواطنهم.

«لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» فجعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - اختلاف المسلمين في تسوية الصف سبباً لاختلافهم في قلوبهم، ونحن نشاهد اليوم إهمال المسلمين لتسوية هذه الصفوف التي لو اقتصرنا في إصدار الحكم عنها، لاكتفينا أن نقول إنه واجب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقول في جملة ما يقول كما أشرت إلى ذلك آنفاً: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة» لو اقتصرنا على هذا الحديث لقلنا إن المسلمين مقصرون في القيام بهذا الواجب، فكيف ونحن في صدد بيان أن إخلالهم بالقيام بهذا الواجب الديني هو سبب شرعي للاختلاف الذي يجعله الله عز وجل جزاء تقصيرهم في تطبيقهم لأمر نبيهم أن يضرب على قلوبهم وأن يوقع الفرقة والخلاف بينهم، فهذا أيضاً حديث عظيم جداً حيث ربط

<<  <  ج: ص:  >  >>