للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاح قلوب الذين يقفون في الصف بإصلاحهم للصفوف، وأن لا يخلوا في تنظيمها وفي ترتيبها.

ومما أيضاً يؤكد هذه القاعدة النفسية القلبية من ارتباط الباطن بالظاهر والظاهر بالباطن أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في غير ما حديث صحيح وفي مختلف أبواب الشريعة نهى عليه الصلاة والسلام المسلمين أن يتشبهوا بغيرهم، ذلك لأن التشبه يوجب ألفة ويوجب تقارباً بين المتشبه وبين المتشبه به، ولما كان الكفار يعيشون حقاً في ضلال مبين في دنياهم فضلاً عن آخرتهم، كان بدهياً جداً أن الشارع الحكيم ينهى الأمة أن تتشبه بشيء من عادات هؤلاء الكفار؛ لأن ما هم عليه ضلال في ضلال، قلت إن الأحاديث التي وردت في النهي كثيرة وكثيرة جداً في نحو أكثر من أربعين حديثاً، في أبواب مختلفة من أبواب الشريعة في الملبس، في المظهر، في المساكنة والمجامعة والاختلاط، في الصيام، في الطعام، في الحج، في أبواب الشريعة كلها، جاءت نصوص تأمرنا بمخالفة المشركين، هديهم خالف هدي المشركين، ومن المهم من ذلك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «من جامع المشرك فهو مثله» المجامعة تعني مطلق المخالطة، من جامع بمعنى من خالط المشرك أي: من ساكنه وجاوره وقاربه في مسكنه وعاش حياته معه فهو مثله، وتعلمون هنا حتى لا يرد إشكال أن المثلية لا تقتضي ولا تستلزم المشابهة بالكلية من كل الجوانب، كمثل قوله تبارك وتعالى حينما حذر المسلمين من موالاة المشركين قال رب العالمين: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} أي: في هذه الموالاة، أي: فهو منهم عملاً. وهذا بحث آخر أن الكفر والشرك ينقسم إلى قسمين، شرك عملي وشرك اعتقادي، فهذا هو منهم، أي: عملاً وليس عقيدة.

النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد نهى في أكثر من حديث عن مخالطة المشركين؛ لأن الظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>