للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت النية فاسدة فهذا العمل الصالح لا يقلب النية الفاسدة فيجعلها صالحة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» (١)

المقصود في الهجرة هنا هو الجهاد في سبيل فيقول عليه الصلاة والسلام: «فمن كانت هجرته» أي: جهاده في سبيل الله فهو العمل الصالح، ومن كانت هجرته أي جهاده في أمر مادي كامرأة يصيبها أو دنيا فحينئذ عمله يصبح فاسداً، هكذا الشرع يربط بين وجوب صلاح العمل مع صلاح النية وأن صلاح أحدهما لا يكون مصلحاً لما فسد من الآخر والعكس تماماً بالعكس، وعلى هذا إذا كان لا بد من أن يكون العمل صالحاً مع صلاح القلب، وكانت الأقوال هي من الأعمال فلا بد من أن تكون الأقوال صالحة كالأعمال، فوجود النية أو القصد الصالح كما ذكرنا آنفا لا يجعل العمل الفاسد صالحاً، كذلك وجود النية الصالحة لا يجعل القول الفاسد المخالف للشرع صالحاً، وعندنا نصوص وأحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يتجلى فيها اهتمامه - صلى الله عليه وآله وسلم - بإصلاح الألفاظ، كما اهتم بإصلاح الأعمال من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام وهذا مبدأ عام وعظيم جداً: «إياك وما يعتذر منه» (٢)، «إياك وما يعتذر منه»، وأوضح من هذا قوله عليه السلام: «لا تكلمن بكلام تعتذر به عند الناس» (٣)

هذا هو التأويل، ويزيد الأمر وضوحاً المعالجة الفعلية منه عليه الصلاة والسلام لبعض الأقوال التي صدرت من بعض الأصحاب خطأ فما نظر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما نظر إلى فساد تلك الأقوال التي ستسمعون بعضها ما نظر إلى صلاح قلوب قائليها


(١) البخاري (رقم١) ومسلم (رقم٥٠٣٦) ..
(٢) صحيح الجامع (رقم٣٧٧٦).
(٣) صحيح الجامع (رقم٧٤٤) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>